تطور الطب والتقدم التكنولوجي ساهم في إطالة متوسط العمر مما أدى بكثير من الأفراد لبدء حياة جديدة بعد الستين.

موموفوكو اندو الياباني الذي تراكمت عليه الديون وزج في السجن بسبب عدم دفع الضرائب، حاول العمل في كثير من الأعمال منها تجارة الملح، غير أن الفشل ظل يلازمه، تذكر طوابير الأشخاص لأكل المكرونة اليابانية التقليدية، بناء على هذه الفكرة قرر أندرو ابتكار المكرونة السريعة التحضير وقد أنشأ مختبرات علي هيئة مطبخ في الفناء الخلفي لمنزله وبعد العديد من التجارب اخترع الاندومي، توفي اندو عام 2007 عن عمر 96 عاما.

الأمريكية سيلفيا وين سترك بعد بلوغها سن 52 عاما تقرر تغيير حياتها بشكل جذري، لتترك وظيفتها معلمه في رياض الأطفال وتدخل عالم صناعة الكعك، وهي ليست مجرد قطع من الحلوى بل هي عمل فني يروى قصة. كعكات سيلفيا عبارة موضوع فني مثل جزيرة تضم أشجارا، قد تستغرق عمل الكعكة الواحدة في بعض الأحيان أسبوعا كاملا.

تايكيشيرو مورا، الأستاذ الجامعي بعد تخرجه من كلية طوكيو للتجارة شغل منصب أستاذ في معهد كيو توا للتكنولوجيا، ليصبح عميدا لكلية التجارة فيما بعد. في عام 1959، وفي سن 55 عاما ترك مور مهنة التدريس وقام بتأسيس شركة بناء مورا بيلدينج بفضل الإرث اشتري موري العديد من الأراضي في مدينة طوكيو، وعلي هذه الأراضي، أنشأ مهندسو مورا مفهوما جديدا للتنمية الحضرية، أطلق عليه اسما "هيو" الذي يعنى مدينة داخل مدينة وشيدت مدنا جديدة وبنية تحتية حضرية ومحطات المترو. أطلقت الصحافة على مور لقب مغير مظهر طوكيو.

الخالة زهرة 75 عام من محافظة نايل التونسية، من الصباح الباكر تخرج مسرعة نحو البحر للعمل. فقد امتهنت الصيد في البحر منذ عمر الخامسة عشرة. تروى التجاعيد وجهها وملامحها تفاصيل من شقاء قصتها بين أمواج البحر وقد نسج حكايات ومغامرات جعلتها لا تستطيع مغادرته. تبتسم الخالة زهرة وهي تعد الشباك وتحضر بقية لوازم الصيد ثم تركب الزورق المتواضع وتنطلق لكسب قوت يومها. تقول أن أسعد لحظات حياتها هي تلك التي تجلب فيها كمية من السمك والجمبري، تقول واللمعان يطوف بعينيها أن البحر علمها الصبر والقوة في العمل وأعطاها الصحة.

لم يفت الأوان لكي تتعلم شيء جديد أو تعمل أمر تحبه. أقدم مسن سبعيني على تعلم رياضة التزلج علي الجليد، رغم إصابته بسرطان البروستاتا من الدرجة الرابعة وظهر مقطع مصورا وهو يقوم بتجربة التزلج بشكل متقن برفقة معلمته ثم رقصا معا دون أي صعوبات، وحقق المقطع ما يقارب مليون مشاهدة. يعتقد دائما أنه لا يوجد مخرج آخر صحيح في الحياة، وهذا غير صحيح دائما توجد طرق أخرى وأنه لم يفت الأوان لإشعال نيراننا مجددا.

نتعلم من الباحث المصري فتحي غانم أن العلم ليس له مكان ولا زمان وليس هناك سن محدد للدراسة والحصول على الدرجات العلمية. الباحث المصري يحصل على درجة الدكتوراه في التجارة وإدارة الأعمال وهو يبلغ من العمر 83 عام بتقدير امتياز، ووجه رسالة إلى الشباب قائلا "اتجهوا للتعلم لأنه الخير للإنسان والعقول ولا يرتبط على الإطلاق باي سن أو مكان أو زمان".

كما برهن الأمريكي مانفريد ستينز أن شغف التعلم لا يعرف سن بعد أن حصل على درجة الدكتوراه وهو في سن 89 عام، وقال رغم المشاكل الكثيرة والتي منها صحية إلا أني فعلتها، كان حلم ستينز منذ الصغر دراسة الفيزياء إلا أن عائلته أقنعته بدراسة الطب وقتها، إلا أنه عاد بعد مرور السنين بدراسة ما أحبه وتحقيق شغفه وحلمه بدراسة الفيزياء وبرع وحصل على الدكتوراه.

خريف العمر ليس نهاية العالم، ولن نستسلم للإعاقة أيا كان نوعها ولن أصبح حبيس البيت وسوف استمتع بالممكن، وسوف أقاوم شيخوخة الفكر والجسد، أستطيع أن اعمل أو أدرس أو أمارس هواية أفضلها أو أبدا مشروع جديد، لن ادع شيء الصدفة وسوف اعبر عن كل ما لدى ولن اترك شيء حبيس نفسي، ليس علينا أن ننتظر الموت بإمكاننا أن نعيش الحياة ونهتم بكل الأشياء التي نحبها وألا نحبس أفكارنا دون أن نعبر عنها حتى الموت وحذرنا الشاعر ويليام بليك "عندما تسجن الفكر في كهوف فهذا يعنى أن الحب يغرز بجذوره في جحيم عميق" عليك أن تكون ما تتخيله وعيش هذه الصورة كما لو كانت واقعا، حتى تحققه.