في مشهد سياسي أشبه بحكايات "الهروب الكبير"، قررت الجزائر، التي لا تفوّت فرصة للمزايدة على القضية الفلسطينية، التملّص من المشاركة الفاعلة في القمة العربية الطارئة في القاهرة، وبدلًا من المواجهة والدفاع عن رؤيتها، اختارت استراتيجية "الهروب ورمي اللائمة على الآخر"، مفضلة إرسال وزير خارجيتها، في اللحظات الأخيرة، لحضور القمة كأسلوب للتعبير عن امتعاضها من عدم إشراكها في اجتماع الرياض.

بررت الجزائر غياب رئيسها عبدالمجيد تبون بأن القمة "تم التحضير لها دون إشراك الجميع"، فهل كان من المفروض استشارتها في كل تفصيلة، أو كانت ربما تأمل في استضافة القمة بنفسها لتتصدر المشهد كعادتها، لكن يبدو أن تصريحات المسؤولين الجزائريين التي طالما صوّرت بلادهم كحامل لواء فلسطين، تتبخر كلما اقترب الأمر من الفعل السياسي الجاد.

وبينما يعاني الفلسطينيون من العدوان، كانت الجزائر تُجري حسابات معقدة، مترددة بين تجنب إغضاب قوى كبرى، وتحقيق مصالح داخلية ضيقة تتمثل في إشغال الجزائريين عن مطالبهم المشروعة في ظل الأزمات السياسية والحقوقية والاجتماعية التي تنذر بتحرك قريب للشارع قد يعيد تشكيل المشهد الجزائري برماه. وفي النهاية، اختارت الجزائر الخيار الأسهل وهو الجلوس على المدرجات ومراقبة المباراة بدلًا من اللعب في الملعب، تاركة المجال لتفسيرات متضاربة بين العجز أو الرغبة في التقارب مع بعض القوى الدولية بعيدًا عن ضجيج الشعارات.

لكن يبقى السؤال، إذا كانت الجزائر ترى أن القضية الفلسطينية تُدار بشكل "إقصائي"، فلماذا لم تتحرك بشكل استباقي وتعبر عن دعمها للجهود المبذولة وتقدم ما يلزم من الدعم، حتى وإن كان معنويا، للدولة المصرية التي تحاول بأقصى ما تملك إيقاف مخطط تهجير فلسطينيي غزة.

لقد اختارت الجزائر، للأسف، وكعادتها، التحرك بغباء سياسي لسرقة الأضواء وخلق بروباغندا إعلامية مقيتة، عبر تقديم نفسها كدولة فاعلة يتم استبعادها عن قصد من المشاركة في تفاعلات القضية الفلسطينية، وهي لا تدرك أن مشاركتها من عدمه لن تقدم أية إضافة للعمل العربي المشترك أو للجهود العربية الداعمة للفلسطينيين، بل دائما ما تشكل بياناتها وتصريحات مسؤوليها تشويشا وإزعاجا لكل الأطراف التي تعمل في صمت لضمان حق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولته المستقلة وحفظ حقوقه غير القابلة للتصرف.