معهد التخطيط القومي يناقش «معضلات المشروع الحداثي»


استضاف الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي، الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، في ثالث حلقات صالون المعهد للعام الأكاديمي 2024/2025، تحت عنوان "معضلات المشروع الحداثي: من تحلل السياق إلى وهن الأخلاق"، وذلك بحضور نخبة من الشخصيات العامة، والوزراء السابقين، والمتخصصين، والمهتمين بالشأن الفكري والثقافي.
وفي مستهل اللقاء، أوضح الدكتور أشرف العربي أن هذه الحلقة تهدف إلى تسليط الضوء على الأزمة الأخلاقية التي عصفت بالمشروع الحداثي، وما أفرزته تحولات ما بعد الحداثة من واقع اجتماعي وثقافي جديد أفضى إلى تآكل القيم وتراجع البنى الأخلاقية.
التقدم التكنولوجي
وأشار إلى ضرورة تقديم مقترحات وحلول لمواجهة هذه الأزمة، خاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع، والتحديات العالمية المتعاقبة.
من جانبه، قدّم الدكتور أحمد زايد طرحًا فكريًا معمقًا حول مفهوم الحداثة، مؤكدًا أنها تمثل حالة مستمرة من الانفتاح والتجدد، وقوة دافعة نحو التغيير وتحطيم الثوابت الجامدة، بما في ذلك التقاليد والموروثات.
المشروع الحداثي
وبيّن أن مشروع الحداثة كان القوة الدافعة وراء النظام الرأسمالي، لكنه أيضًا ارتبط بمفاهيم السيطرة والاستعمار.
واستعرض الدكتور زايد المسارات التي مر بها المشروع الحداثي، مشيرًا إلى أنه انحرف عن المبادئ الأخلاقية التي تأسس عليها منذ فلاسفة العصور القديمة مثل أرسطو وأفلاطون وابن رشد، مرورًا بالعصور الوسطى وعصر النهضة الذي جسّد قيم الخير والجمال والعقد الاجتماعي.
أساليب الهيمنة
وأكد زايد أن هذا الانحراف أدى إلى تراجع الأخلاق، وظهور سياقات اجتماعية هشة، وانتشار نزعات فاشية وشعبوية وأصولية، إلى جانب عودة أساليب الهيمنة التقليدية.
كما أشار إلى أن التقدم التكنولوجي قد خلق مجتمعات متسارعة الإيقاع يصعب على الأفراد مواكبتها أو التكيّف مع متطلباتها، مما نتج عنه تآكل مفهوم المتعة وتفاقم مشاعر القلق والخطر.
التنبؤ بالمستقبل
وتناول زايد أخلاقيات ما بعد الحداثة، التي تتسم بغياب الثوابت وصعوبة التنبؤ بالمستقبل، مؤكدًا أن العلاقة بين الفرد وذاته أصبحت أكثر حضورًا من علاقته بالمجتمع، في ظل تلاشي المعايير العامة.
ورأى أن الأخلاق تبدأ من داخل الفرد، وتُبنى على وعيه الذاتي بالمعرفة وأهمية العيش المشترك، بما يُمكنه من التكيّف الواعي مع المجتمع.
واختتم الدكتور زايد حديثه بالتأكيد على أهمية إعادة الاعتبار للأخلاق من خلال حداثة إنسانوية جديدة، تُعلي من شأن الفرد، وتناهض تغوّل السوق، وتسهم في بناء ذات إنسانية داخل منظومة مجتمعية متكاملة تشمل الأسرة والتعليم والثقافة.
كما دعا الطبقة المتوسطة إلى مراجعة خطابها الأخلاقي ودورها المجتمعي.
جانب من اللقاء