ارتبط الشعب المصري بالنجم الراحل حسن حسني، والذي قطع معه رحلة زمنية طويلة بين فنون الدراما المختلفة "مسرح، سينما، تلفزيون"، فهو بالنسبة لذاكرة الجمهور "عم حسن" وليس النجم حسن حسني، في دلالة واضحة على مدى قرب الفنان بأدواره من جمهوره من البسطاء والشباب وكبار السن، فالجميع يحب هذا الرجل الذي نجح في استقطاب محبتهم برغم من نجوميته التي لربما جاءته متأخرة.

تجربة خاصة

لم يكن حسن حسني نجمًا يشبه غيره من نجم جيله، فصحيح أنه أتخذ من الكوميديا منهجًا لمسيرته لكن ذلك لم يمنع خلال مسيرته من تقديم العديد من الأدوار الدرامية الجادة التي تتغلف بالطابع الإنساني، وبالرغم من وجود مرحلة زمنية قد أجبرت الراحل على قبول عدد من الأدوار التي لم تكن على ذائقته الفنية، وسبق وأعترف الراحل بذلك في لقاء له ببرنامج "ثلاثي ضوضاء الحياة"، لكنه نجح في تعويض هذا الإخفاق بمزيد من الأدوار التي تحمل عمقًا في تنوعًا وشكل الشخصيات التي قدمها فيما بعد حتى وإن كانت الكوميديا هي أساسها.

يتشابه مسار النجم الراحل الذي تتزامن ذكرى وفاته اليوم الجمعة 30 مايو مع الكثيرين، بداية من المسرح العسكري خلال فترة إلتحاقه بالجيش في الستينات من القرن المنصرم، وسبقها تشبع بالمسرح المدرسي في مراحل تعليمية مختلفة، هذا الدليل الذي يمكن أن يلخص نجاح تجربة حسن حسني فمن المسرح تنفرط الموهبة بسبب رهبته الكبيرة وكونه لقاءً خالي من القيود يتمتع بمزيد من التلقائية والحضور بين الفنان وجمهوره.

هذا ما كان يجعل النجم الراحل حسن حسني لا يفارق العمل في المسرح حتى مع نجوميته التي زادت بقوة في السينما والتلفزيون في سنوات وهجه الفني، وربما يكون التأسيس والاستمرارية التي كونها الراحل من العمل بالمسرح لم يتوقف تأثيرها عند حدود التعمق والتنويع في الشخصيات التي يلعبها بل أنها أضافت أيضًا له مزيد من الثقة بالنفس الذي جعله ناقدًا لنفسه.

فلم يكن حسن حسني محبًا لمشاهدة أعماله كغيره من النجوم حتى أنه لم يحب أن يذهب في افتتاحية عروض الأفلام لكنه حين كان يشعر بعدم إجادته لمشهد معين خلال التصوير يقوم بالتوقف وإعادته مجددًا دون أن يفكر في مشاهدة أداؤه عبر "المونيتور" الخاص بالمخرج، وهذا من جانب أما الجانب الآخر من تقييمه لمشروعاته كان يتوجه فيها بالسؤال لبعض المحيطين يسألهم عن آراءهم في أعماله.

لماذا نجحت كوميديا حسن حسني؟

بعيدًا عن التلقائية والبساطة التي كانت أساسًا لشخصيته الفنية، أقترب الراحل بتجربته الكوميدية من خلال اختزال متابعة ومشاهدة مواقف حية تحدث أمامه مع الجمهور، فهذا يمكن ملاحظته بتركيبته الجسدية وتعبيرات وجهه التي كان يشكلها في أي شخصية كوميدية يجسدها على الشاشة، هذا الأمر الذي جعله أكثر قربًا من الجمهور نتيجة لصدق أداؤه.

كيف شكل حسن حسني علاقته بشرائح عمرية متنوعة؟

كان الراحل يتمتع بذكاء كبير في مسيرته الفنية، فبيعدًا عن تجربته المسرحية التي تتنوع بين مسارح القطاع العام والخاص لكنه شكل لذاته مسارًا جديدًا في فترتي التسعينات والألفينات باقترابه من فئات الشباب على صعيد الدراما التلفزيونية والسينمائية، فجاءت أدواره بمثابة قراءة وحوار بينه وبين الأجيال الجديدة "من فئة الشباب والثلاثينات" ويظهر ذلك في عدد من الأعمال الهامة منها: أرابيسك، أهالينا، طيور الشمس، أين قلبي، على ياويكا، لحظات حرجة وغيرها من عشرات المسلسلات الهامة التي كشفت عن تجارب حياتية هامة في العلاقة بين الأجيال المختلفة.

أما على صعيد السينما فكان الراحل صاحب الرصيد الأعظم من زملاء جيله التي تنوعت بين النجوم الشباب من بينهم الفنان أحمد حلمي، حماده هلال، كريم عبد العزيز، محمد هنيدي وآخرون.

فيلم يعتز به حسن حسني

خلال ندوة تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي قبل عامين من رحيله، كشف الراحل عن أفضل أدواره التي قدمها في تجربته الفنية وهو "ركبة القرداتي" الذي قدمه في فيلم "سارق الفرح" حيث وصفه بكونه أصعب أدواره وأنه حضر كثيرًا للشخصية حتى يستطيع أن يمسك خيوطها خصوصًا أنه كان يعمل تحت قيادة المخرج داوود عبد السيد الذي وضعه في مهمة أصعب لتقديم الدور.

وأوضح حسني في حديثه بندوة تكريمه بالمهرجان، أنه ينسى طوال الوقت كونه كوميديان بمجرد أن يأتيه دور جيد، منوها أنه بدأ رحلة عمله بأدوار الشر واستمر في ذلك فترة كبيرة إلى أن قرر التوقف عن ذلك للدرجة التي جعلته يترك ذاته إلى الشخصية التي تحركه.

النجم حسن حسني

النجم حسن حسني