كندا تُقدّم ”وصفة النجاة” من عواصف الاقتصاد العالمي: نموذج ذكي بين الإصلاح والانفتاح


اعتبر محللون أن كندا نجحت في تقديم "وصفة للنجاة" من الضغوط الاقتصادية الدولية، بعد أن طوّرت نموذجًا مبتكرًا يجمع بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي.
ووفق تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي، تمكنت أوتاوا من التعامل بمرونة مع السياسات الحمائية المتصاعدة في كل من الولايات المتحدة والصين، عبر تبنّي حزمة إصلاحات اقتصادية جريئة وتنويع شراكاتها التجارية العالمية.
"اقتصاد موحّد" لإزالة الحواجز بين المقاطعات
من أبرز خطوات الإصلاح التي تبنتها الحكومة الكندية إقرار قانون "اقتصاد كندي موحّد" في يونيو الماضي، والذي يهدف إلى إزالة الحواجز التنظيمية والفنية بين المقاطعات.
فرغم كون كندا دولة فيدرالية واحدة، كانت التجارة الداخلية بين مقاطعاتها أكثر تعقيدًا من التجارة الخارجية في بعض الحالات بسبب اختلاف القوانين والمعايير.
القانون الجديد يمنح اعترافًا فيدراليًا شاملًا لأي منتج تمت الموافقة عليه في إحدى المقاطعات، ما يفتح الباب أمام توسيع السوق المحلي وتقليص الاعتماد على الصادرات المتجهة نحو الولايات المتحدة، تحسبًا لأي قيود مفاجئة من جانبها.
انفتاح تجاري يتجاوز الجار الأمريكي
وفي موازاة الإصلاحات الداخلية، تسعى كندا إلى تنويع شركائها التجاريين وتقليل الاعتماد المفرط على السوق الأمريكي.
ففي أغسطس، وقّعت اتفاق تجارة حرة مع إندونيسيا، وتعمل على توسيع التعاون مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى جانب إعادة تفعيل مفاوضات مجمّدة منذ عام 2021 مع تكتل ميركوسور في أمريكا الجنوبية.
ورغم أن المكاسب المباشرة لهذه الاتفاقيات قد تكون محدودة في الأجل القصير، إلا أنها تمثّل رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى بناء شبكة تحالفات اقتصادية تقلّل من المخاطر الناتجة عن الاعتماد على شريك واحد.
موقع استراتيجي في سباق الموارد
في ملف الموارد الطبيعية، تتجه كندا لتثبيت موقعها كـ مورّد موثوق للمعادن الحيوية التي تدخل في الصناعات التكنولوجية والعسكرية، مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت.
بدلًا من التوسع في فتح مناجم جديدة، تراهن كندا على دورها كمزوّد استراتيجي للدول الغربية، وقد طرحت في قمة مجموعة السبع الأخيرة فكرة إنشاء “نادي مشترين للمعادن الحيوية” يمنحها دورًا محوريًا في سلاسل الإمداد العالمية.
النظام التجاري في خطر
رئيس الوزراء الكندي مارك كارني وصف في تصريحات سابقة بـسبتمبر الماضي نهاية النظام التجاري القائم على القواعد بأنها "تهديد وجودي" لبلد كندا.
لكنه شدّد على ضرورة أن تركّز الدول على ما يمكنها التحكم فيه داخليًا، وهو المبدأ الذي انطلقت منه أوتاوا في تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية الطموحة لتحصين اقتصادها ضد الاضطرابات الخارجية.
دروس من الشمال
وبينما لا تزال أوروبا تناقش كيفية التعامل مع تصاعد النزعة الحمائية الأمريكية، يرى محللون أن النظر نحو الشمال – إلى كندا – قد يوفّر نموذجًا عمليًا ناجحًا لكيفية مواجهة الضغوط العالمية بالاعتماد على المرونة والإصلاح والانفتاح الذكي.