واشنطن بوست: حرب إسرائيل على غزة تحولت إلى حرب غير مسبوقة ضد الصحافة


رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن القصف الإسرائيلي المتكرر الذي أودى بحياة العشرات من الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة يمثل مشهدا غير مسبوق في تاريخ الحروب الحديثة ضد وسائل الإعلام، في وقت يزداد فيه الحديث عن غياب المساءلة وصعوبة تحقيق العدالة.
وقالت الصحيفة - في مقال تحليلي للكاتب إيشان ثارور - إن ما لا يقل عن 189 صحفيا فلسطينيا قتلوا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وفق إحصاءات لجنة حماية الصحفيين، وهو رقم يفوق ما سجل في حرب أفغانستان على مدى عقدين، أو في حرب أوكرانيا، بل وحتى في فيتنام وكوريا.
وأضافت أن المقارنة مع حادثة ماجوينداناو في الفلبين عام 2009 - التي شهدت مقتل 32 صحفيا في أسوأ مجزرة ضد الإعلاميين في التاريخ الحديث - تبرز حجم المأساة في غزة، إذ أنه رغم بطء العدالة وتعقيد مسارها آنذاك، فقد انتهى الأمر بعد 10 سنوات بصدور أحكام إدانة عام 2019 ضد بعض المسؤولين عن المجزرة، بينما تبدو احتمالات تحقيق أي مساءلة عن مقتل الصحفيين الفلسطينيين بعيدة المنال.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن غياب التغطية الأجنبية من داخل غزة جعل الصحفيين المحليين وحدهم في مواجهة الحرب، ودفعوا ثمنا باهظًا، لافتة إلى أن آخر الفصول الدامية كان استهداف مستشفى ناصر في خان يونس الإثنين الماضي، حيث قتل 20 شخصا بينهم خمسة صحفيين في ضربة مزدوجة التقطتها الكاميرات مباشرة. وكان بين الضحايا مريم أبو دقة، الصحفية المستقلة المتعاونة مع وكالة "أسوشيتد برس" وحسام المصري المصور الحر المتعاون مع "رويترز".
وأضافت أن إسرائيل بررت الغارة بوجود "كاميرا لحماس" ومسلحين في الموقع، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف ما حدث بأنه "حادث مأساوي"، قائلا "إن بلاده تحترم عمل الصحفيين والأطقم الطبية والمدنيين"، بينما اعتبرت منظمات دولية معنية بحرية الصحافة ما حدث "إخفاقا عالميا في مواجهة الهجمات الأكثر فداحة ضد الصحافة في التاريخ الحديث".
وذكرت الصحيفة أن الضربة الإسرائيلية التي قتلت مراسل قناة "الجزيرة" أنس الشريف مطلع شهر أغسطس الجاري، مع ثلاثة من زملائه، جاءت رغم تحذيرات مسبقة من لجنة حماية الصحفيين من أنه قد يكون مستهدفا ضمن "حملة تشويه" تمهد لتصفيته، فيما نفت القناة وأسرته والجهات الأممية أي صلة له بنشاط عسكري.
وأبرز المقال أن بعض الأصوات الإعلامية الإسرائيلية رحبت علنا بقتل الصحفيين، واعتبرت تقاريرهم "دعاية" تضر بصورة إسرائيل، في انعكاس لاتجاه شعبي أوسع نطاقا، حيث أظهر استطلاع للرأي أن 76% من اليهود الإسرائيليين يعتقدون بدرجات متفاوتة أنه "لا أبرياء في غزة".
واختتمت "واشنطن بوست" تحليلها بالقول إن تصاعد استهداف الصحفيين يفاقم من أزمة الشرعية الداخلية للحرب، إذ نقلت عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن ما انهار في النهاية ليس فقط شرعية إسرائيل الدولية، بل "الشرعية الإنسانية" لمواصلة الحرب تحت شعار الدفاع عن النفس.