حرائق الغابات في أوروبا تُسجل انبعاثات قياسية تهدد الأهداف المناخية العالمية


سجلت انبعاثات الكربون الناتجة عن حرائق الغابات في الاتحاد الأوروبي ارتفاعا إلى مستويات قياسية هذا العام، في وقت حذر فيه خبراء من أن هذه الحرائق باتت تشكل تهديدًا متصاعدًا لقدرة الغابات على امتصاص الكربون، مما يعرض جهود الدول الأوروبية لتحقيق أهدافها المناخية للخطر.
ووفقًا للبيانات الواردة في تقرير حديث أصدره نظام كوبرنيكوس، وهو مبادرة أوروبيه شاملة لمراقبة الأرض ويتبعها نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي (EFFIS)، التهمت الحرائق منذ مطلع العام أكثر من مليون هكتار من الأراضي، أي ما يعادل 13 ضعف مساحة مدينة نيويورك، وأطلقت نحو 38.37 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهو رقم يفوق مجمل الانبعاثات السنوية لدولة مثل السويد.
وتشير البيانات إلى أن هذه الانبعاثات تضاعفت مقارنة بمتوسط العشرين عامًا الماضية، مع تسجيل إسبانيا والبرتغال أسوأ موسم حرائق في تاريخهما. فقد تسببت الحرائق هناك في مقتل سبعة أشخاص على الأقل وتشريد الآلاف وتدمير منازل ومحاصيل زراعية خلال موجات حر غير مسبوقة في أغسطس الجاري.
وبدوره..قال مارك بارينغتون، كبير العلماء في خدمة مراقبة الغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي (CAMS)، إن الحرائق التي اجتاحت إسبانيا والبرتغال هذا الشهر تسببت في "انبعاثات استثنائية"، موضحًا أن انبعاثات الحرائق في إسبانيا وحدها فاقت أربعة أضعاف المتوسط السنوي المعتاد.
وتلعب الغابات دورًا رئيسيًا في امتصاص الكربون من الغلاف الجوي، ولكن عند احتراقها تعيد إطلاق الكربون المخزن في جذوع الأشجار وأوراقها وحتى في التربة. وأوضح باولو لاي، رئيس فريق "المراقبة الجوية العالمية" بمنظمة الأرصاد الجوية العالمية (WMO)، أن زيادة انبعاثات الحرائق تمثل "أخبارًا سيئة" في معركة مواجهة التغير المناخي عالميا.
وحذر علماء المنظمة من ظهور ما يعرف بـ"حلقة التغذية الارتجاعية " بين المناخ والحرائق؛ إذ تؤدي الانبعاثات المرتفعة إلى زيادة درجات الحرارة والجفاف، وهو ما يسهل اندلاع المزيد من الحرائق، والتي بدورها تطلق كميات هائلة من الكربون، فتتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويرى محللون أن تفاقم الحرائق يهدد مساهمة الغابات في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات، وخاصة أن كثيرًا من الدول تعتمد بشكل متزايد على قدرة الغابات على امتصاص الكربون لتعويض استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وحذر بيل هير، الرئيس التنفيذي لمركز "تحليلات المناخ"، من أن الاتحاد الأوروبي قد لا يحقق النسبة المستهدفة من امتصاص الكربون عبر غاباته بحلول 2030، وبذلك سوف تجبر بروكسل على اتخاذ خطوات إضافية في قطاعات أخرى لتعويض الفاقد.
وفى الوقت الراهن ، فإن معظم الدول لا تقوم بادراج انبعاثات الحرائق في قوائمها الرسمية للانبعاثات المقدمة للأمم المتحدة، باعتبارها "ظواهر طبيعية مؤقتة"، لكن خبراء مثل هير يرون أن الوضع تغير حاليا، فمع تزايد الحرائق والجفاف وعدم تعافي الغابات كما في السابق، لم يعد من الممكن اعتبارها أحداثًا عابرة.
وأكد بيل هير: "قبل 25 عامًا، كان يمكن القول إن الغابات ستنمو مجددًا بعد الحريق. فاليوم، ومع تغير المناخ، لم يعد هذا يحدث. ما نشهده ليس قضاءً وقدرًا بل نتيجة مباشرة للظروف المناخية المتدهورة".