من الفيوم إلى ملاعب السنغال.. «عمر مكاوي» أول حكم مصري يحترف في إفريقيا


عمر أحمد مكاوي، من مواليد 20 نوفمبر 1996 في قرية منية الحيط بمركز أطسا بالفيوم، مثل كثيرين كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم، وبالفعل بدأ كحارس مرمي في فريق قريته منية الحيط، كان عمره 16 عاماً حينما تم تصعيده للفريق الأول وشارك مع الفريق في دوري الممتاز ب، كما لعب مع فريقي مصر المقاصة واطسا، ولكن بعد حصوله علي الثانوية العامة والتحاقه بكلية التربية الرياضية بالقاهرة.. تغيرت مسيرته تماما.
عمر كان حريصا علي أن دراسته تأتي في المقام الأول، ولذلك كان من الصعب عليه مواصلة لعب الكرة في الفيوم، يقول: في البداية لعبت في نادي درجة رابعة في القاهرة، ولكن بسبب عدم وجود إمكانيات مادية رحلت سريعا، وبعدها اعتزلت الكرة مبكرا وبدأت رحلتي مع التحكيم، ورغم أن كثيرين توقعوا أن أصبح "حكم ساحة" ولكني اخترت أن أصبح حكما مساعدا لكى أتدرج سريعا من دوريات الدرجات الرابعة والثالثة والثانية إلي دورى الاضواء، وذلك لأن حكام الساحة يتأخرون كثيرا لكسب الخبرات، وعشقي للتحكيم دفعني للتفكير في ممارسته بشكل دائم حتي ولو كان خارج مصر، علما بأن كل حكام مصر يعرفونني جيدا لأنني أملك صفحة علي فيسبوك اسمها "اوفسايد" عليها عشرات الآلاف من المتابعين متخصصة فقط في الحالات التحكيمية المختلفة.
الحكم عمر مكاوى
ويضيف عمر: تربطني علاقة صداقة بالحكم بالسنغالي عيسي سي الحكم الدولي المشهور، وهو الذي قام بتحكيم مباراة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية منذ موسمين، وهو معروف جدا في إفريقيا ومتواجد حاليا للتحكيم في كأس العالم للأندية بأمريكا، وعلاقتنا كانت على تواصل دائم وأخبرته بأنني أريد خوض تجرية التحكيم في السنغال، فأخبرني بأن ذلك يعد صعبا لأنه لم يحدث أن تواجد حكما محترفا في بلاده، كما أن وجود حكما أجنبيا في مباريات محلية قد يخلق مشاكل كثيرة، ولكنني صممت علي خوض التجربة، وقد أرسل لي رقم المسئول عن لجنة التحكيم في داكار، وأخبرته بأنني حكم في مصر، فاشترط موافقة رئيس لجنة حكام السنغال مالانج ايدييهو الحكم الدولي المشهور الذي سبق وظهر في كأس العالم، وفوجئت بأنه يرحب بي جدا، خاصة بعدما تحدث معه عني الكابتن عصام عبدالفتاح حكمنا الدولي الكبير، كما أن اتحاد الكرة المصري أرسل فاكسا رسميا بأنني حكم معتمد، وبالفعل الحمد لله تم اعتمادي بشكل رسمي في لجنة الحكام بالسنغال، وأصبحت أول حكم محترف في المسابقات المحلية الإفريقية.
الحكم عمر مكاوى
رغم أن غالبية سكان السنغال من المسلمين، لكن بالتأكيد واجهت عمر مكاوي صعوبات في التكيف مع مجتمع مختلف لغويا وثقافيا، كما أن طبيعة مسابقات كرة القدم المحلية مختلفة تماما عن منتخب السنغال الذي يضم محترفين بأكبر الأندية الأوروبية، يكمل قائلا: أنا أتحدث الإنجليزية والفرنسية.. وهو ما سهل علي كثيرا لأن سكان السنغال يتحدثون الفرنسية.. بينما معظم العاملين في كرة القدم يتحدثون الانجليزية، كما أنني تعلمت الكثير من اللغة المحلية هناك، وأذكر أول يوم لي هناك حينما حضرت اجتماع في إستاد ديمبا جوب بالعاصمة داكار، وتقابلت مع صديقي الحكم عيسي سي والمسئولين الذين رحبوا بي، ثم خضعت لاختبار في قانون اللعبة، وبعد ذلك خضعت للكشف الطبي ثم اختبار اللياقة البدنية، والحمد لله نجحت في اجتياز كل الاختبارات وبدأت في تحكيم المباريات.
الحكم عمر مكاوى
وعن بداية مشواره في الملاعب السنغالية، يقول: رغم أنني واجهت صعوبات عديدة ولكن ربنا يسر لي أمورا كثيرة والحمد لله، وكل صعب يمر باكتساب الخبرات والتجارب، والمسألة لا علاقة لها بالمال، فالعائد المادي هنا في المباريات مثل مصر تماما.. بل إن المستحقات نحصل عليها في شهر سبتمبر كل موسم، بجانب صعوبة السفر لولايات بعيدة جدا، صحيح أن رحلتي طويلة وبها مشقة ولكن الحمدلله استفدت جدا، وبالنسبة لمستوي كرة القدم فالدوري قوي جدا.. وبديهي أن يكون تنافسيا لأنه سنويا يخرج منه العشرات للاحتراف في أكبر الفرق الأوروبية، بل إن كثيرين لا ينتظرون عروضا رسمية لأن السفر إلى أوروبا سهل لحاملي الجنسية السنغالية، فقد يذهب إلي سفارة أي بلد ويحصل علي فيزا سياحة وتأشيرة وتذاكر سفر.. وكل ذلك لا يكلفه سوى 2000 دولار فقط، والحمد لله نجحت في عمل علاقات جيدة في السنغال ومعروف هناك بـ"الحكم العربي"، والجمهور دائما ما يتحدث معي على أساس أنني مغربي الجنسية لأن الجالية المغربية هناك كبيرة، كما يرحب بي اللاعبون في كل المباريات ويتقبلون قراراتي في المباريات بلا اعتراض.
الحكم عمر مكاوى
وعن أبرز نجوم الرياضة المصرية المشهورين هناك، يقول: كنت أتوقع أن يكون الحديث كله عن محمد صلاح باعتباره أشهر لاعب مصري سواء في إفريقيا أو على مستوى العالم، ولكنني فوجئت بأنهم يتحدثون معي عن حكام كرة القدم في مصر، وخاصة الكابتن مني عطالله الحكم الدولية الشهيرة، وهي معروفة جدا هنا في السنغال، أيضا فوجئت بشهرة حارس المرمي محمد أبو جبل هناك، في البداية توقعت أن السبب مباراة مصر والسنغال في نهائي أمم إفريقيا 2021، لكنني عرفت بعد ذلك لأنه مشهور بلقب "جباسكي".. بينما عيد الأضحي باللغة المحلية اسمه "تباسكى" ولذلك قاموا بتحريف اسمه وحفظوه!.