تحريك الأسعار هل يحل المشكلات المتراكمة؟!
بوابة المصريينإذا كان رفع أسعار المحروقات سيؤدي لتحسين الإنتاج وتقوية الاقتصاد فلا بأس أن يتحمل المواطن ذلك العبء أملًا في مستقبل أفضل، يجد فيه حياة مستقرة.. أما إذا كان تحريك أسعار الوقود لسد العجز في الميزانية أو تطبيقًا لشروط صندوق النقد الدولي.. فيصبح السؤال: إلى متى يتحمل المواطن تداعيات قرارات اقتصادية ثبت عدم جدواها بل وتأثيرها الخطير على المجتمع؟!
فارتفاع أسعار المحروقات مقدمة لرفع أسعار كل السلع بلا استثناء، وما يرتفع سعره في مصر لا ينخفض أبدًا حتى لو انخفض في كل الدنيا، كما أن هذا الارتفاع في سعر الوقود بالذات يتسبب بصورة مباشرة في رفع التضخم، وإضعاف القوي الشرائية للمواطن، وتعميق الركود الاقتصادي، وتمهيد الطريق للكساد..
فهل لا تعرف الحكومة بمثل هذه النتائج الخطيرة.. أم أنها تعرف لكنها لا تمتلك حلولًا إبداعية من خارج الصندوق لمضاعفة الإنتاج والتصدير، وتحقيق انتعاشة اقتصادية تجلب استقرارًا حقيقيًا للمواطن والدولة؟!
وإذا كان هناك لجنة لتسعير المواد البترولية رفعت أسعار المحروقات ثلاث مرات في عامنا هذا.. فلماذا لا يكون هناك لجنة ممثلة لتسعير الرواتب والأجور وحزم الحماية الاجتماعية للفقراء والمعدمين، لحماية المواطن من غول الغلاء وغياب الرقابة وجشع التجار وعشوائية السوق والقرارات؟!
فإذا كانت الحكومة قد رفعت أسعار الوقود لتتماشى مع الأسعار العالمية فهل تتماشى الرواتب والأجور والقوة الشرائية للمواطن مع الأجور العالمية؟!
وإذا كانت زيادة الأسعار حتمية نتيجة الحروب والصراعات والتحديات الجيو سياسية فأين دور الحكومة وإجراءاتها الحمائية ولماذا يتحمل المواطن فاتورة كل إصلاح وكل خطأ في القرارات الاقتصادية؟!
وهل من المنطقى أن تتحمل الطبقات الوسطى والفقيرة العبء الأكبر في فاتورة تحريك أسعار الوقود؟ وهل من العدل مساواة الأثرياء أصحاب الفيلات والقصور والسيارات الفارهة والشركات بنفس سعر خدمات مواطن بسيط يقود موتوسيكل أو سيارة موديل 90 أو يركب مواصلات عادية يرفع سائقوها تعريفة الركوب بقيمة أكبر من الزيادة في أسعار الوقود ذاتها؟ وكيف يتمتع ضيوف مصر وهم بالملايين بنفس الخدمات بنفس الأسعار التي يتحملها المواطن؟!
وإلى متى يمكن لأغلبية الشعب أن تتحمل ارتفاع الأسعار بشكل مستمر مع مرتبات ومعاشات لا تتناسب مع الأسعار؟!
لاشك أن مصر دائما فوق الجميع، ويمكن للمواطن أن يتحمل من أجل الوطن كل ما هو صعب وإن كان فعلا ما يتم اتخاذه من إجراءات هو بسبب مخاطر الحرب فعلينا جميعا أن نتحمل، ولكن إن كانت لسد العجز في الموازنة أو تنفيذًا لشروط صندوق النقد فالأولى بالحكومة أن تدرس بعناية أسباب ما وصلنا إليه من صعوبات اقتصادية..
وأن تسارع لعلاجها بالتركيز على مضاعفة الإنتاجية والكف عن الاقتراض والديون وخفض الاستيراد والاهتمام بتعميق الصناعة وتحسين الإنتاج الزراعي لتلبية الاحتياجات المحلية.. أما أن تظل عين الحكومة مسلطة طول الوقت على جيب المواطن.. فماذا ستفعل إذا صار هذا الجيب خاويًا؟!
إن ما يحدث هو قمة الفشل الحكومي.. وغياب تام لبرلمان يقال عنه ممثل الشعب وهو غير ذلك تماما!