يورونيوز: اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور في مراحلها الأخيرة


بعد مرور خمسة وعشرين عاما على بدء المفاوضات ، يقترب الطريق نحو اتفاقية تجارة حرة بين "ميركوسور" والاتحاد الأوروبي من نهايته، إلا أن الصراع بين مؤيديها ومعارضيها لا يزال محتدما .
وذكرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية في نشرتها الفرنسية اليوم /الخميس/ في تقرير لها أن رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" ورئيس المجلس الأوروبي "أنطونيو كوستا" يعتزمان التوجه إلى /ميركوسور/ في 20 ديسمبر الجاري لتوقيع اتفاقية مثيرة للجدل مع التكتل التجاري لأمريكا الجنوبية .
وتبدي المفوضية، التي تفاوضت على هذه الاتفاقية طوال 25 عاما، ثقة في أن أغلبية الدول الأعضاء ستدعمها. ومع ذلك، يعتقد دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي أن النتيجة لا تزال غير مؤكدة، نظرا لضيق الفجوة بين المؤيدين والمعارضين. وستكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة.
ولكن التحرير الذي ينطوي عليه هذا الاتفاق لا يحظى بقبول عام.
وتقود فرنسا المعارضة منذ سنوات، بحجة أن واردات "ميركوسور" ستخلق منافسة غير عادلة لمزارعيها. وتواصل باريس حملتها ضد الاتفاق، مطالبة ببنود حماية قوية لحماية سوق الاتحاد الأوروبي من الاضطرابات التي تزعم أنها ستنتج عن زيادة واردات "ميركوسور"، بالإضافة إلى بنود المعاملة بالمثل لضمان التزام دول "ميركوسور" بمعايير الإنتاج نفسها المطبقة على الأوروبيين.
وحشدت بولندا مزارعيها ضد الاتفاق، وانضمت إليها أيرلندا والمجر في معارضتهما. أما حكومتا هولندا والنمسا، الملتزمتان بمواقف برلمانية سابقة، فلا تزالان تعارضان الاتفاق. وستمتنع بلجيكا عن التصويت.
ومع ذلك، لا تكفي هذه المجموعة لعرقلة الاتفاق، الذي يتطلب موافقة أربع دول أعضاء على الأقل تمثل 35% من سكان الاتحاد الأوروبي.
وإيطاليا، التي لم تتخذ رئيسة وزرائها "جورجيا ميلوني"، موقفا رسميا بعد، هي محور الاهتمام.
وتعد إيطاليا ثاني أكبر مصدر من الاتحاد الأوروبي إلى السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور)، ويعتبر الوصول إلى السوق الذي تتيحه ذا قيمة بالغة لقطاعها الزراعي.
ودافع وزير الزراعة في حكومة "ميلوني" وزميله في الحزب "فرانشيسكو لولوبريجيدا" عن المزارعين الإيطاليين في شهر أكتوبر الماضي، مشددين على ضرورة وجود ضمانات قوية. مع ذلك، ربما تكون الضمانات التي قدمتها المفوضية في 8 أكتوبر الماضي لمراقبة سوق الاتحاد الأوروبي قد دفعت روما نحو دعم الاتفاقية.
وحتى الدول المعارضة للاتفاقية أيدت ضمانات المفوضية.. مؤكدة أنه في حال الموافقة على الاتفاقية، ستكون حماية السوق القوية أمرا أساسيا.
وسيصوت البرلمان الأوروبي، الذي تعد موافقته ضرورية لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ، في 16 ديسمبر الجاري على تدابير حماية أكثر صرامة، بما في ذلك بند المعاملة بالمثل. وستلي ذلك محادثات مع المجلس للاتفاق على نص موحد. وقد يسرع إجراء خاص المفاوضات، مما يسمح للدول الأعضاء بالتوصل إلى موقف نهائي في الوقت المناسب لزيارة "فون دير لاين" و"كوستا" المخطط لها.
ولكن حتى لو وافقت الدول الأعضاء على الاتفاقية ووقعت في أمريكا اللاتينية، فلن تنتهي العملية. إذ سيتعين على أعضاء البرلمان الأوروبي التصديق عليها، وقد كشفت الأشهر الأخيرة عن انقسامات عميقة.
ويعارض كل من اليمين المتطرف واليسار المتطرف الاتفاقية، بينما تنقسم جماعات أخرى على أسس مماثلة لتلك الموجودة في المجلس. وبالتالي، لا يزال بإمكان البرلمان في عام 2026 عرقلة الاتفاقية برمتها.
وفي بروكسل، يتزايد قلق دبلوماسيي الدول الداعمة للاتفاقية بشأن هشاشة المفاوضات، محذرين من أن الفشل سيكلف الاتحاد الأوروبي الوصول الاستراتيجي إلى السوق في وقت تتدهور فيه علاقاته مع شريكه التجاري الرئيسي، الولايات المتحدة.
ويشعرون بقلق بالغ إزاء ديناميكية البرلمان الأوروبي، الذي تباين هذا العام عن موقف الدول الأعضاء في العديد من القضايا الحاسمة، مما زاد من حدة التوترات المؤسسية.
وفي جلسات خاصة، يحذرون من أن انهيار اتفاقية "ميركوسور" في مراحلها الأخيرة سيكون دليلا صارخا على العجز السياسي، وسيقوض طموح أوروبا الذي طالما تفاخرت به لتنويع شركائها التجاريين وتعزيز نفوذها الجيوسياسي.
وفي الوقت نفسه، بدأ صبر دول "ميركوسور" ينفد بعد عقود من العمل.
وقال دبلوماسي رفيع المستوى من أمريكا الجنوبية لـ"يورونيوز" إنه "إذا لم تحظ الاتفاقية بالدعم، فسأحفر حفرة وأدفنها وأغطيها بالخرسانة".
وقد أبرمت الاتفاقية في ديسمبر عام 2024 بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي والاتحاد الأوروبي بهدف إنشاء منطقة تجارة حرة عبر الأطلسي. ويعد "ميركوسور" تكتل اقتصادي في أميركا اللاتينية يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، نجح منذ تأسيسه.
























