”بوليتيكو”: ماكرون يسجل انتصارًا دبلوماسيًا نادرًا في ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية


ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأوروبية، في آخر عدد لها، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن الأسبوع الماضي، في خطوة وُصفت بالمفاجئة، عن نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما بدا في البداية كرهان سياسي خاسر، وقد قوبل الإعلان برفض شديد من الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما انقسم الداخل الفرنسي على أسس حزبية متوقعة.
ولكن بعد مرور أسبوع، بدأت تتضح أبعاد المبادرة الفرنسية، حسب قول المجلة، إذ لحقت كلٌّ من المملكة المتحدة وكندا بباريس، وإن كان ذلك مع بعض التحفظات، في حين تشير مواقف ألمانيا الأخيرة إلى تراجع جزئي عن دعمها التقليدي غير المشروط لإسرائيل ما لم تتخذ خطوات لإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة المنكوب.
وأضافت المجلة - في سياق تقرير - أن هذه التطورات قد لا تمثل عزاءً كافيًا للفلسطينيين الذين يواجهون خطر المجاعة، لكن من الواضح أن ماكرون كان سبّاقًا في هذا التحول الأوروبي تجاه مطلب تاريخي طالما نادى به الشعب الفلسطيني.
تعليقًا على ذلك، قال حمزة الهراوي، مدير شركة "إم جي إتش بارتنرز" العالمية للشئون العامة ومقرها باريس:" هذه لحظة فرنسية بامتياز، إنها نقطة تُسجَّل لصالح الدبلوماسية الفرنسية".
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن ماكرون كان قد ألمح على مدى أشهر إلى قرب اتخاذ فرنسا قرار الاعتراف، لتكون أول دولة من مجموعة السبع تُقدم على هذه الخطوة، لكنه ربطها بجملة من الشروط، أبرزها تطبيع بعض الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل.
وكان من المفترض أن يتم الإعلان ضمن مؤتمر أممي تنظمه فرنسا والسعودية، إلا أن انهيار الهدنة بين إسرائيل وحماس وتصاعد القصف الإسرائيلي لإيران، أدّى إلى تأجيل المؤتمر الذي كان مقررًا في يونيو المقبل، مع ذلك، قرر ماكرون المضي قدمًا بعد زيارته لمصابين فلسطينيين في أحد مستشفيات مصر في أبريل، وفق ما أفاد به كريم أمّلال، السفير الفرنسي السابق لشئون المتوسط.
وقال أمّلال، في تصريح خاص للمجلة:" إن ماكرون ظل يتحدث عن الأمر باستمرار حتى في زياراته إلى جنوب شرق آسيا".
وبدلاً من انتظار توافق دولي أوسع، لجأ ماكرون إلى حلفاء فرنسا في مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي لاستعادة زمام المبادرة، مع الأخذ في الاعتبار أن فرنسا باعتبارها قوة نووية وعضو دائم في مجلس الأمن تملك من التأثير ما قد يدفع إسرائيل لإعادة النظر، حسبما أكدت المجلة.
ومن جانبه، قال مسئول فرنسي مُقرّب من ماكرون- لكنه اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب بروتوكولية- إن القرار لم يكن نهائيًا حتى اللحظات الأخيرة، قبل أن يقرر ماكرون المجازفة. لكن هذه المجازفة بدأت تؤتي ثمارها.
وأضاف دبلوماسي بريطاني سابق- تحدث أيضًا إلى المجلة من دون ذكر اسمه- أن ماكرون كان يراهن على أن المملكة المتحدة ستسير في نفس الاتجاه"، وبالفعل، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم /الثلاثاء/ الماضي أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، ما لم تقم إسرائيل بخطوات ملموسة لإنهاء الأزمة في غزة، وبعدها بيوم، صرّح رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بأن بلاده ستتخذ الخطوة نفسها، بشرط أن تُجري السلطة الفلسطينية انتخابات دون مشاركة حركة حماس.
أما وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أعلن أمس /الخميس/ أن "عملية الاعتراف يجب أن تبدأ الآن تمهيدًا لحل الدولتين، وفي بروكسل، أفادت "بوليتيكو" أن الدعوات داخل الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف تتصاعد في الآونة الأخيرة، إلا أن التكتل لم يتمكن حتى الآن من الاتفاق على إجراءات ملموسة ضد إسرائيل، بما في ذلك تعليق التعاون البحثي.
ورغم هذه التحركات، فإن الموقف الأمريكي سيبقى حاسمًا؛ حيث أكدت "بوليتيكو" أن الرئيس دونالد ترامب لا يزال يتجاهل المبادرات الأوروبية، لكنه في الوقت نفسه بدا في حالة ضجر متزايدة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصرح مؤخرًا:" أن ترامب نفسه لا يستطيع إنكار مشاهد المجاعة".