السبت، 7 يونيو 2025 06:06 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

أخبار عربية

الحكم الذاتي خيار المستقبل.. والمغرب يحصد ثمار استراتيجيته

بوابة المصريين

في مشهد سياسي إقليمي تتسارع فيه التحولات، وتتكشف فيه الحقيقة يوما بعد يوم حول ما يسمى بـ"الجبهة الاتفصالية البوليساريو"، هذه الجماعة التي روجت لنفسها طيلة السنوات الماضية على أنها "صاحبة قضية"، بينما الواقع والتاريخ والشرعية الدولية تقف في صف الحق الا وهو مغربية الصحراء، واليوم، وبعد سنوات من المناورات، تجد هذه الجبهة نفسها في عزلة غير مسبوقة، بعدما فقدت كل أدوات الضغط.

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، اتخذ الملف الاستراتيجي للوحدة الترابية مسارا دبلوماسيا جديدا، يتسم بالفاعلية والهدوء والعمق، فبدلا من أسلوب المواجهات الخطابية، تبنت الرباط منطق البراغماتية، المبني على التنمية الميدانية في الأقاليم الجنوبية، وجلب الاستثمارات، والانفتاح على الشركاء الدوليين، وهو ما منح الموقف المغربي قوة ناعمة حاسمة.

تُوّج النهج الدبلوماسي الهادئ الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس بعدد من النجاحات البارزة، تجلت في استعادة المغرب لمقعده داخل الاتحاد الإفريقي، وتعزيز دوره المحوري في معالجة القضايا التنموية والأمنية بالقارة الإفريقية، كما استطاع المغرب أن يحقق اختراقات دبلوماسية مهمة تمثلت في اعتراف عدد من القوى الدولية الكبرى بسيادته على أقاليمه الجنوبية.

أكدت فرنسا بشكل رسمي أن قضية الصحراء "لم تعد محل نقاش"، معلنة دعمها الكامل لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو الموقف الذي عززته زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة إلى المغرب، إلى جانب افتتاح مركز TLS Contact بمدينة العيون، في خطوة عملية تعكس اعترافا واضحا بالسيادة المغربية.

أما إسبانيا، فقد أعلن رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، في مارس 2022، دعم حكومته الصريح لمبادرة الحكم الذاتي، واصفا إياها بأنها المقترح الأكثر جدية ومصداقية وواقعية لحل مشكلة الصحراء المغربية.

من جهتها، جددت الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، وأكدت دعمها لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والجدي الوحيد للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة، كما يجري حاليا مناقشة مبادرات جديدة، من أبرزها مقترح داخل الكونغرس الأمريكي لتصنيف "جبهة البوليساريو" كمنظمة إرهابية.

وعلى الصعيد الدولي، تمكن المغرب من حصد دعم أكثر من 113 دولة، من بينها دول وازنة مثل هولندا، ألمانيا،بلجيكا، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، كينيا، كوريا الجنوبية، سلوفاكيا، وإستونيا، وقد افتتحت أكثر من 30 دولة قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة، في خطوة دبلوماسية رمزية تعكس اعترافا فعلياً بالسيادة المغربية.

وفي تتويج لهذه الدينامية الجديدة التي أطلقتها الدبلوماسية الملكية، أعلنت المملكة المتحدة مؤخرا دعمها الصريح والواضح لمقترح الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي وذي مصداقية، فدعم بريطانيا لمقترح الحكم الذاتي له ثقل سياسي ودبلوماسي كبير ويشكل منعطفا مؤثرا في تطورات ملف الصحراء المغربية، بالنظر إلى المكانة التي تحتلها بريطانيا كقوة دولية دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكمحور توازن في السياسات الأوروبية والدولية، هذا الدعم يعزز الطرح المغربي ويمنحه مزيدا من الشرعية في المحافل الدولية، خصوصا في سياق التوجه المتزايد نحو اعتبار مبادرة الحكم الذاتي حلا واقعيا وذا مصداقية.

إن دعم ثلاثة من الأعضاء الدائمين- الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، والمملكة المتحدة - في مجلس الأمن الدولي، لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يمثل تطورا دبلوماسيا استراتيجيا بالغ الأهمية في مسار قضية الصحراء المغربية، وسيكون له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على مستويات متعددة، سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو في المشهد الإقليمي والدولي.

على مستوى مجلس الأمن، يصب هذا الدعم وبقوة لصالح المغرب، فانحياز قوى مؤثرة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى المبادرة المغربية يعزز من إمكانية صدور قرارات أكثر وضوحا تدفع باتجاه الحل السياسي الواقعي، وهو الحكم الذاتي، هذا التحول يضعف بشكل كبير من قدرة الجبهة الانفصالية ومن وراءها على المناورة، خاصة بعد فشل محاولاتها في فرض مقترح الاستفتاء أو الانفصال على المجتمع الدولي والذي سعت له منذ 50 سنة .

سياسيا، يُسهم هذا الدعم الدولي في ترسيخ الحكم الذاتي كخيار وحيد واقعي، ويتوقع أن يدفع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا إلى الدفع أكثر نحو هذا الطرح في أية مفاوضات مستقبلية، كما قد يؤدي إلى تجاوز نموذج "الطاولة المستديرة" الذي لم يسفر عن نتائج ملموسة، لصالح مقاربة أكثر واقعية تستند إلى المقترح المغربي.

إقليميا، هذا التوجه يؤدي إلى مزيد من محاصرة الجبهة، كذلك يُرسل هذا الدعم رسالة إلى بقية الدول مفادها أن الحل في الصحراء لا يمكن أن يخرج عن إطار السيادة المغربية.

أما على المدى القريب، فمن الممكن أن يدفع هذا التحول إلى بلورة مبادرة جديدة داخل الأمم المتحدة تُبنى بشكل صريح على المقترح المغربي، وغياب أي نقاش بخصوص إجراء استفتاء، الذي أصبح خارج السياق الواقعي والسياسي تماما.

أما على المستوى العسكري، فكل محاولات التصعيد لم تزد الوضع إلا تأكيدا على عقم خيار العنف، خصوصا مع الحزم الذي تعامل به المغرب في ملف الكركرات سنة 2020، حيث أعاد الأمور إلى نصابها دون أن ينجر إلى الحرب.

إن ما يحدث اليوم في ملف الصحراء المغربية ليس فقط انتصارا ديبلوماسيا، بل هو انتصار لرؤية استراتيجية بعيدة النظر قادها جلالة الملك محمد السادس، حيث ربط الدفاع عن الوحدة الترابية بالتنمية الشاملة والاندماج الإفريقي والانفتاح على القوى العالمية، أما الجبهة الوهمية، فقد كشفت الوقائع هشاشة فكرها.

الحكم الذاتي المستقبل المغرب

أخبار عربية

آخر الأخبار