الأربعاء، 24 أبريل 2024 04:03 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

مصطفى أبو عطا يكتب.. الحرب الأهلية في السودان.. الى أين؟!

مصطفى أبو عطا
مصطفى أبو عطا

تفاجأ السودانيون والعالم أجمع، صباح اليوم 15 أبريل 2023، باندلاع حرب في العاصمة الخرطوم بين قوات الجيش الوطني السوداني، وقوات الدعم السريع، التي انشأها البشير في أغسطس 2013، للقتال بدلًا من الجيش في دارفور بعد قرارات الأمم المتحدة.. تعتمد في تكوينها الأساسي على مليشيات الجنجويد، خضعت للمخابرات العامة السودانية، لكن محمد حمدان دقلو «حميدتي» تمكن من الاستئثار بالسلطة فيها باعتباره القائد الميداني.. تحالف مع البرهان قائد الجيش للإطاحة بنظام حكم عمر البشير عام 2019، ثم تحالف معه عام 2021 ضد التيار المدني ومحاولة الأحزاب الاستيلاء على السلطة.. المصالح جمعتهما رغم الاختلافات العميقة، الى ان طمع حميدتي في ان يتصدر المشهد بسيناريو الانقلاب الثالث.

حميدتي نجح في تثبيت وضعه الدولي استنادًا الى التحرك في اتجاهات متعددة؛ بحنكة وذكاء فطري، فهو قائد لميليشيات الجنجويد التي قامت بمذابح في دارفور، سيطر على مناجم الذهب السودانية ويقوم بتصديره الى الامارات بأسعار تفضيلية ما ضمن له دعمها.. وهو الذي يسير دوريات على الحدود مع ليبيا وتشاد ضمن تنفيذ مبادرة مشتركة بين الدول الأوروبية والسودان لمنع المهاجرين من التوجه الى أوروبا، ما ضمن له التعاطف الغربي.. وهو من دفع تشكيلات من قواته للحرب مع الجيش الوطني الليبي خلال معركة طرابلس ابريل 2019، ما مكنه من الاقتراب من روسيا وضمان تأييدها له.. كما دفع تشكيلات أخرى للمشاركة في حرب اليمن فضمن دعم السعودية.. ثم ان رهانه الرئيسي على إثيوبيا، ومدخله لها عدائه لمصر.. وقد حقق له نشاطه الخارجي عائدات مالية تقدر بملايين الدولارات، ما سمح له بدعم قدراته التسليحية، وشراء الأنصار في مواقع النفوذ بالدولة.

الاختلاف الذي وقع بين القائدين مؤخرًا، ونسف إمكانية التعاون بينهما، ودفع بهما لمواجهة ساخنة يتعلق باختلاف وجهات النظر حول الاتفاق الإطاري، الذي يتعلق بالترتيبات الداخلية اللازمة لاستعادة الحكم المدني والديمقراطية في البلاد.. فقد نص الاتفاق الإطاري على تبعية قوات الدعم السريع لرئيس الوزراء المدني، على أن يتم دمجها داخل الجيش خلال 10 سنوات، حميدتي أيد الاتفاق لما يعطيه له من استقلالية عن قيادة الجيش، لكن ذلك أثار اعتراض البرهان، من منطلق أنه يعني وجود جيشين بقيادتين مختلفتين، أحدهما الجيش الوطني التابع للقائد العام، والآخر قوات الدعم السريع وتتبع رئيس الوزراء المدني، وتمسك البرهان بخضوع القوتين للقائد العام، وان تتم عمليات الدمج بحد أقصى عامين فقط، لأن تقسيم الجيش على هذا النحو لا يضمن تحقيق أمن البلاد، خاصة بعد ان سقطت دول في الإقليم نتيجة الانقسام داخل الجيش.

الإشكالية بالنسبة لمصر في تقديري هي صعوبة تحديد موقفها بين طرفي المواجهة؛ فاتجاهات البرهان قائد الجيش الوطني نحو مصر تتسم بالإيجابية، خاصة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة التي يتطابق موقفه تجاهها مع رؤية القاهرة، وهو يؤمن بأهمية العلاقات الاستراتيجية مع الشقيقة الشمالية، لكنه في محاولة لتشكيل ظهير سياسي مدني وشعبي يدعم تطلعاته نحو منصب الرئاسة، اضطر للاستعانة بقيادات مدنية، بينهم عناصر تنتمي لتنظيم الإخوان، بل انه أعاد بعض المرتبطين بنظام البشير لمناصبهم في الأجهزة الأمنية والسلك الدبلوماسي، وهو ما يدعم محاولات الاخوان العودة للسلطة، من خلال تأسيس «حركة المستقبل للإصلاح»، بعد فشل تجاربهم السابقة للعودة.. ولا شك في ان ذلك الزحف الاخواني نحو مصدر السلطة في السودان يثير حساسية مصر.

أما بالنسبة لموقف القوى الإقليمية فإن إثيوبيا تعتبر صاحبة مصلحة أساسية فيما يحدث من فوضى وارباك على الساحة السودانية، فهذا التطور بما يؤدى اليه من شلل مؤسسات الدولة السودانية، يستبعد أي محاولة لاستئناف مفاوضات سد النهضة، وبالتالي يخفف الضغوط السياسية التي يمكن ان تتعرض لها أديس أبابا حتى تنتهي من الملء الرابع الضخم، ويتم إغلاق ملف قضية السد.

وفيما يتعلق بمواقف الدول الغربية مما يحدث في السودان، فإن أمريكا وبريطانيا تخشيان من احتمال إنشاء قاعدة روسية في أم درمان على البحر الأحمر، وهو أمر أعرب قادة جيش السودان عن انفتاحهم عليه، ما يجعل إرباك الموقف الداخلي، وتفتيت وحدة الجيش وسيلة لعرقلة ذلك الإجراء، بما يتمشى مع المصالح الغربية.. الصراع الدولي بين موسكو وواشنطن على أشده في الباحة الجنوبية للحرب الأوكرانية، وتتطاير شراراته الى بلادنا.

ولكن ما مستقبل الصراع بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟!
الحقيقة ان الحسابات النظرية تشير الى قدرة الجيش على حسم المعركة لصالحه استنادًا الى عدة عوامل:

  • قوة الجيش السوداني تقدر بحوالي 100 ألف جندي، إضافة الى 50 ألف ضمن قوات الاحتياط، أما قوات الدعم فهي قرابة 100 ألف فقط.
  • الجيش تتوافر لديه أسلحة حسم، مثل سلاح الطيران، والمدرعات الثقيلة، وهذا لا يتوافر لدى قوات الدعم.
  • كما ان الجيش يمتلك القرار السيادي، فقد قرر حل قوات الدعم، وأنهى إعارة ضباط الجيش الملحقين بها، وهذين الاجراءين يمكن أن يحدثا إرباكا داخل إدارة قوات الدعم، وانتشار الاحساس بفقدان الثقة بين عناصرها في قدرتهم على مواجهة جيش الدولة، ناهيك عن انتشار حالات الهروب من الخدمة، وذلك يضعف موقف قوات الدعم.


لكن هذا لا يمنع من امتلاك قوات الدعم بعض عناصر القوة:

  • فالدعم الخارجي لها لن يتوقف، ومن جهات عديدة.
  • والمكونات المدنية من أحزاب ونقابات ستكون أميل للانحياز اليها، بعد معارضة الجيش للاتفاق الإطاري.
  • كما ان مشاركتها في حروب دارفور وليبيا واليمن قد أكسبتها تطعيم ميداني يضيف الى خبراتها القتالية الكثير.
  • هذا فضلا عن الضغوط الدولية المحتملة التي قد تفرض وقف إطلاق النار وتمكن قوة الردع من الحفاظ على مكاسبها التي حققتها على الأرض، وبالتالي تمنع الجيش من تصفية قوة الدعم.
مصطفى أبو عطا الحرب الأهلية في السودان

مقالات الرأي

آخر الأخبار