الإثنين، 5 مايو 2025 09:17 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. اميرة محمد علي تكتب: بين بريقين

بوابة المصريين

خُلِق الانسان وميزه الله سبحانه وتعالى بصفات ومواهب عديدة، جعلته المخلوق الأعلى مكانة والأكثر رقي من بين المخلوقات؛ ولذا فمن الطبيعي أن نرى كثير من الناس يسرون برؤية كل ما هو لامع وبراق، بل ويتسارعون للحصول على امتلاك مثل تلك الأشياء؛ حتى يتزينون ويتجملون بها، ويعد الذهب من اشهر المعادن البراقة التي عرفها وامتلكها الانسان منذ ازمنة بعيدة، فبه كانت تزين قصور الحكام وعلية القوم، وبه صكت الدول والممالك عملتها وبرزت بذلك قوتها، فالذهب كان ولازال قوة استراتيجية لا يستهان بها وهذا أمر ليس بجديد.
وبالرغم من منظر الذهب البراق وقيمته المادية التي كانت ولازالت مرتفعة جدا للكثيرين؛ وهذا يرجع لندرة المعدن النفيس، فقد يوجد خام الذهب وسط الأحجار الصلبة، كما أن عملية تصنيعه وتشكيله تكون مكلفة للغاية؛ إذ تتم تنقيت الذهب من الشوائب الدقيقة التي يكون ممزوج بها، فضلا عن إضافة عناصر أخرى له لكي يصل للمنتج النهائي الذي نقتنيه وأبرزها عنصر النحاس، وهذا هو شرح تقريبي مبسط لبريق معدن محبب ومفضل لدى الكثيرين، وعلى غرار هذا البريق، يوجد بريق من نوع أخر، لكن اكتشافه يحتاج لتنقيب حقيقي وجاد يفوق بمراحل عديدة التنقيب عن الذهب، وهذا البريق هو التنقيب عن البريق والذهب الإنساني.
فالإنسان وهو المخلوق الذي خلق من اجله كل ما في الكون لتلبية احتياجاته، لازال في حاجه لمزيد من الرحلات الاستكشافية للتنقيب عما يحتوي بداخله من كنوز وأسرار، تلك التي يحاول العلماء بذل المزيد والمزيد من الأبحاث والدراسات لاكتشاف ما يحويه الانسان من كنوز داخلية تعد اثباتا ودليلا على مدى دقة صنع الواحد القهار، وما اثار فضولي وتفكيري هو البريق واللمعان الخارجي للإنسان، الذي في كثير من الأوقات يبدو أكثر جاذبية وتأثير مما حوله فيعجب الأشخاص بالهالة التي تحيط به، ولكن كثيرا ما يكون هذا البريق زائفولا يحوي بداخله سوى على اشباه بشر، وعلى النقيض من ذلك فالعيون البشرية وإن وصلت دقتها للمستوى الطبيعي، إلا أنها كثيرا ما تخطأ في التنقيب عن الذهب الإنساني.
والجدير بالذكر هو أن الخطأ في التنقيب من وجهة نظري المتواضعة أمر ضروري في بداية حياة كل شخص منا؛ وذلك لأنه يكسبنا الخبرات الحياتية والتي لا نحصل عليها سوى بالتجارب، لكن يصبح الخطأ في التنقيب قيد في الاعناق متى اصبح الانسان وبنسبة كبيرة حذر في كل مرة يقرر فيها عن التنقيب ليصل لبريق الأشخاص، فالحقيقة أن البشر كالمعدن النفيس (الذهب) من الطبيعي جدا أن تكون بشخصياتهم شوائب عالقة بها، ومن الطبيعي أن يحتاجون إلى اشخاص يضيفون إلى شخصياتهم إضافات أخرى ليتماسكوا اسوة بالذهب أيضا الذي يضاف له معدن أخر (النحاس) كي يتماسك، فمن الضروري أن نتعلم جميعا فن التنقيب خاصة وأننا بتنا نعيش في زمن كثر فيه البريق الزائف الذي يخفي بداخله أشد أنواع الصدى.
فاللهم تنقيب ملموس نتاجه حي في النفوس؛ كي يسعد المرء ويفوز في زمن كثر فيه حائزي الكنوز التي سرعان ما يكتشف أنها أحجار ذات نفوذ.

مقالات الرأي

آخر الأخبار