هدى صالح تكتب .. طلبات العروس : بين ضغوط الأهل وإمكانات العريس


في مجتمعاتنا العربية، لا تكاد تمر فترة دون أن نسمع عن قصة شاب يحاول بكل جهده أن يبدأ حياة زوجية بسيطة ومستقرة، لكنه يصطدم بطلبات العروس وعائلتها التي لا تنتهي. المفارقة هنا ليست فقط في حجم الطلبات، بل في دور الأم تحديدًا، تلك التي غالبًا ما تكون المحرك الخفي وراء كل قائمة الطلبات، في حين يظل الأب خلف الكواليس وكأنما لا يد له في الأمر، لكنه في الحقيقة هو الداعم والموجه الصامت.
كثير من الأمهات يرين أن العريس ما هو إلا “فانوس سحري”، بمجرد أن تطلب منه، يجب عليه أن يلبي، بغض النظر عن دخله الشهري أو ظروفه الاقتصادية. حتى لو كانت العروس على دراية بقدراته المحدودة، إلا أن ضغط الأهل يجعلها في كثير من الأحيان تنجرف خلف هذه المطالب المتزايدة.
المشكلة الأكبر أن هذه الضغوط والتوقعات المبالغ فيها تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج، إذ يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية هذه المتطلبات. وفي المقابل، تصل بعض الفتيات إلى سن متقدمة دون زواج، بسبب هذه المغالاة في الطلبات والتوقعات غير الواقعية.
ما نحتاجه اليوم هو وعي جماعي بأن الزواج شراكة بين شخصين، وأنه ليس من الضروري أن تكون البداية مثالية أو مليئة بالمظاهر، بل يكفي أن تبنى على المحبة والتفاهم والقبول. يجب على الأهل، خصوصًا الأمهات والآباء، أن ينظروا للعريس كشريك حياة لبنتهم، لا كمصدر مالي لا ينضب.
إن الحل يبدأ بالتفاهم، بالحوار الصادق بين العروس والعريس، بين الأهل والشباب، وبين الجميع ومجتمعهم. حين ندرك أن السعادة الزوجية لا تقاس بالمهر أو بقائمة الطلبات الطويلة، بل بما يبنيه الزوجان معًا من حياة مشتركة، حينها فقط سنكسر هذه الحلقة المفرغة من المغالاة، وسنساعد شبابنا على بناء أسر سعيدة ومستقرة.
لنجعل أحلام أبنائنا واقعًا لا عبئًا، ولننظر إلى الزواج كخطوة لبناء مستقبل أفضل، لا كسباق للمظاهر. حينها فقط سنبني مجتمعات قوية، مليئة بالحب والتفاهم.