د. اميرة محمد تكتب: الطفولة


من الطبيعي أن يكون لكل شخص في هذه الحياة هوايات، هناك من يمارسها بشكل يومي، وهناك من لا يجد وقتا كافيا لممارستها، فيكتفي بممارستها في أوقات فراغه القليلة، وبالنسبة لي فهوايتي التي أفضلها كثيرا هي التنقيب والابحار فيما يتعلق بأعظم مخلوقات الله -سبحانه وتعالى- وهو الانسان، وفي السطور التالية سأفتح معكم إحدى صفحات الكتاب الإنساني في محاولة لنتقرب سويا من الانسان ولنقر ونجزم على أن صنع الله سبحانه وتعالى في كل المخلوقات صنع فريد يستحق التسليم الكامل بكل اقتناع للمولى -سبحانه وتعالى-.
فالصفحة التي سنفتحها ونبحر في كلماتها وعباراتها وفقراتها، هي إحدى صفحات كتاب فريد، يختلف عن أي كتاب اخر، فهو ليس بالورقي ذو الصفحات الكثيرة أو القليلة، ولا بالإلكتروني المسحوبة صفحاته واحدة تلو الأخرى والذي بدأ أن يحل محل الكتب الورقية التي تربينا عليها وعشنا بين طيات صفحاتها، إنه كتاب الحياة البشرية، فحياة كل انسان عبارة عن كتاب صفحاته ممتلئة بمختلف الموضوعات.
فالصفحة الأولى، والتي اثرت الحديث عنها، من كتاب أي شخص، هي اشبه ما يكون بمجموعة من القوانين والأسس الموضوعة بدقة واحترافيه عالية لوضع اللبنة الأولى لمجتمع سليم وقوي ألا وهو الطفل.
فمنذ الوهلة الأولى لقراءة هذه الصفحة، تجد نفسك أمام بطل حقيقي، يستحق وعن جدارة قيادة وتطوير مجتمع ما، فرغم صغر الطفل وقلة حيلته مقارنه بالكبار، إلا أن الطفل ذو الصفات الحميدة التي فطر عليها دون التأثر بالمؤثرات الحياتية السيئة يستحق وصفه بالبطولة أكثر من أي شخص يافع؛ وذلك لأن الطفل في مراحل عمره الأولى يكون شعله متوهجة من المعاني والصفات المثلى، تلك التي برؤيتها في طفل ما تجعل من المستحيل تصديق أن ذلك الطفل بعد أن يكبر سيحيد عن ذلك الطريق، لكن هناك عدة أسئلة لابد من البحث عن إجابات لها لتتضح لنا الصورة عن قرب وهذه الأسئلة هي: كيف يمكننا تطويع التكنولوجيا الحديثة لتخدم الطفولة؟، لماذا من الضروري بذل المحاولات للرجوع من حين لأخر إلى المعاني والمثل التي كانت ملازمة للطفولة؟، هل الطفولة العربية المعاصرة بحاجه لتعديل مسارها؟
وفيما يتعلق بإجابة السؤال الأول: فإن تطويع التكنولوجيا لخدمة الطفولة أمر ليس بالصعب، لكن نحن بحاجه لوجود أناس مؤمنون وحريصون على خدمة الطفولة فعليا، فعلى سبيل المثال باتت التكنولوجيا تهدد طفولة أبناءنا، وذلك من خلال استغلالها لفكرة حب الاطفال للخيال والقيام بعمل العاب إلكترونية جعلت من أطفالنا الصغار كبار سن يعانون من قلة الحركة والعصبية والاكتئاب وغيرها.
وتتلخص إجابة السؤال الثاني: في أن العودة للطفولة من حين لأخر أمر ضروري للحفاظ على سلامة النفوس البشرية، فلو طال بُعد الانسان عن فطرته الطيبة التي خلق عليها لأصبحنا جميعا حيوانات شرسة، فالوسطية هي افضل شيء فالطيبة ومثيلاتها من التواضع والوفاء وغيرها ، لابد أن تكون بجانبها القوة والشجاعة وحب المغامرة وغيرها.
وبالنسبة لإجابة السؤال الثالث: فالاجابة هي نعم الطفولة العربية بحاجه لتعديل مسارها خاصة وأن كثير منا أصبح مهتما بتربية طفله على الأنظمة الأجنبية التي لم تكن يوما ما تتفق وثقافتنا، فالأفضل أن ننتقي من هذه الأنظمة ما يتناسب معنا دون تجاهل كلي للطفولة العربية.
فلينقب كلن منا في داخله عن الطفولة الخفية، ويرفع عنها الرماد لتشتعل تلك الشرارة القوية في محاولة للعودة للحياة الفطرية ذات الطبيعة النقية.