انتصار عطية تكتب.. الترشيد


كثيرًا ما سمعنا في الآونة الأخيرة كلمة (الترشيد) ونعني بها ترشيد أو إقلال استهلاك خدمة أو سلعة ما، كالكهرباء، أو الماء، أو الغاز، أو السلع الغير ضرورية أو الغير حيوية في حياتنا والتي يمكن الاستغناء أو التقليل من استهلاكها، ولكن هلا سألنا أنفسنا عن اصل كلمة، ترشيد، أكاد أجزم بأن الكثير منا يعرفها، ولكن في الإعادة إفادة وتذكير لمن يعرف وعلم واستزاده لمن لا يعرف.
الترشيد، كلمة مشتقة من الرشد أي العقل أو الهدى لشئ متعقل مفيد، وقد ذكر لنا رب العزة في أكثر من آية كلمة الرشد بمختلف أشكالها ومعانيها الدلالة على شئ، أو الإشارة إلى شئ، بسم الله الرحمن الرحيم، (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، (واذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوه الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنَوا بي، لعلهم يرشدون) صدق الله العظيم، وهنالك أيضًا معنى كلمة الرشد في القانون، عندما يقال أن الشخص بلغ سن الرشد الذي حدده القانون بـ 21 عامًا يعني أن هذا الشخص أصبح يملك من العقل والأهلية وحسن الإدراك ما يؤهله لإدارة شؤون حياته والتصرف السليم حيال أمواله التي يحصل عليه بموجب بلوغه هذه السن.
وبعد انقضاء فتره المراهقة والتي تحمل معها الكثير من الطيش وسوء التصرف والتي تكون معها بعض الأشياء المعيبة المرهقة لمن حوله وهي الفترة ما بين الـ 12 عام، ما قبل الـ 12عام، ولذلك سميت بفتره المراهقة، فإذا ما تخطى هذه المرحلة وأصبح قادرًا على تحمل المسؤولية عن نفسه ومن حوله فقد أصبح راشدًا، وللترشيد أنماط عديدة ليست فقط استهلاكية، ولكن من أهم أنماط أو أشكال الترشيد هو الترشيد في القول فلا يجب أن يتلفظ الشخص بالقول (عمال على بطال) دون أي ادراك لما يقول او يكون متلفظًا بلفظ جارح دون أن يتعقل ويتمعن فيه قبل أخراجه، الكلمة كالسهم المنطلق لا يمكن ارجاعه اذا خرج، فقد يجرح ويصيب دون تعقل، كذلك ترشيد الأفعال يجب أن نفكر جيدًا فيما نفعل وهل هذا الفعل لائق أو غير لائق، فشخصية الانسان تقدر لدي الأخرين بما يقوم به من أفعال قد يكتسب بها حب وتقدير غيره، أو العكس تمامًا وقد ورد علي لسان سيدنا لوط عليه السلام وهو ينصح قومه بالبعد عن المعاصي، والتعقل والهدى فيما يفعلون، (ياقوم أليس فيكم رجل رشيد)، وهكذا نجد أن ترشيد الانسان لنفسه فيما يقوله أو يفعله هو من مكارم الأخلاق فلا يؤذي غيره بالقول أو الفعل بل يترشد ويتمهل كثيرًا ويحسب عواقب ذلك او مردوده على غيره وهل يرضى بذلك لنفسه ومالا يرضاه لنفسه، لا يرضى به لغيره، وقانا الله وإياكم شر النفس الغير رشيدة، والهمنا الرشد والترشد والهدى والتقَوى.