قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ) (صحيح مسلم).

• يتميز سلوك المسلم عن غيره بأنه يحب الخير لإخوانه المسلمين كما يحبه لنفسه، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه) (صحيح البخاري)، والدعاء من أقرب العبادات إلى قلوب المسلمين، وقد عززت شريعتنا الإسلامية هذا السلوك بفضيلة الدعاء بظهر الغيب، وهو أن تدعو لغيرك وهو غائب غير حاضر أو عالم، وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يحث المسلم على الدعاء لأخيه بظهر الغيب.

•ويقول العلماء أن الدعاء بظهر الغيب مثله كمثل الشفاعة، حيث إن الإنسان عندما يدعو لشخص آخر دون علمه، كأنه يتشفع له عند الله عز وجل.

وأوضحوا أيضا أن الدعاء بظهر الغيب يستجيب الله له سريعا لأن الملائكة تؤمن على دعائه وتقول للداعى «ولك بمثل».

وهذا من أعظم فضائل الدعاء بظهر الغيب، فهو بذلك يدعو لنفسه، شرط أن يكون هذا الشعور خالصاً لله، ولا يتعلق بمصالح دنيوية أو مادية.

• قيّد الحديث هذا الفضل بأن يكون الدعاء بظهر الغيب، فإذا أخبر المسلم به، هل يبطل هذا الفضل والثواب؟.

• إن قصد بذلك التفضل والمنّ على المدعو له، فالمن من كبائر الذنوب، وقد يحبط ذلك العمل، لقوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) (البقرة264).

• وقد يكون هذا من الأعمال الصالحة التي يؤجر عليها، كأن يخبر بأنه يدعو بظهر الغيب إجابة على سؤال، فيكون إخباره من باب تحري الصدق في الحديث، أو أراد إظهار مودته للمدعو له وإدخال السرور على قلبه، وزيادة الألفة والمودة بينهما، كما جاء في الحديث(قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؟.

قَالَ: أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تَدْخِلُهُ عَلَى مسلم...)(صحيح الترغيب).

• لكن لا ينبغي أن يسأله أن يدعو له بمثل ذلك، أو يدعو له كما دعا له هو بظهر الغيب، لأن هذا طلب للأجر والمكافأة، على العمل الصالح من الغير.

• والدعاء للأصدقاء بظهر الغيب خير دليل على المحبة الصادقة.
فلنطَبِّق هذه السُّنَّة.