الإثنين، 17 نوفمبر 2025 04:05 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب النائب المستشار/ حسين أبو العطا

تقارير ومتابعات

واحة الخارجة.. جولة داخل الأثر الفارسي الوحيد في مصر وعلاقته بغرق جيش قمبيز في بحر الرمال| صور

بوابة المصريين

في زمن حكم الأسرة السابعة والعشرين (525–404 ق.م) كانت مصر ولاية تابعة للإمبراطورية الفارسية الأخمينية بعد ما قام قمبيز الثاني ابن كورش الأكبر بغزو مصر سنة 525 ق.م، حيث أصبحت البلاد كلها تحت سيطرة الفرس.

وقد غزا الفرس مصر في عهد الأسرة السادسة والعشرين (قبل الغزو نفسه بواسطة الملك الفارسي قمبيز الثاني عام 525 قبل الميلاد)، مما أدى إلى إنهاء الأسرة السادسة والعشرين، وتأسيس الأسرة السابعة والعشرين التي كانت أول فترة حكم فارسي مباشر لمصر.

وقد حافظ الفرس على نظام الحكم المصري القديم، لكنهم قاموا بتعيين ولاة فارسيين يطلق عليهم (ساترابات) لإدارة حكم الأقاليم، وقد كانت الواحات المصرية ـ ومنها الواحة الخارجةـ ذات أهمية استراتيجية كبيرة جدًا بالنسبة لهم .

معبد هيبس في واحة الخارجة

أهمية واحة الخارجة للفرس

كانت الواحات الخارجة نقطة اتصال حيوية بين وادي النيل والصحراء الغربية، وطريق التجارة إلى دارفور وليبيا، وقد استخدمها الفرس كمركز للمراقبة والإمداد؛ لأن موقعها كان يسمح بالتحكم في الطرق التجارية والصحراوية، وقد كانت الواحات حينها توفّر المياه والتمور والغلال للقوافل التي تعبر من وإلى الجنوب الغربي.

معبد هيبس في واحة الخارجة

معبد هيبس.. أبرز أثر فارسي في مصر

يعد معبد هيبس، هو أهم أثر باقٍ من العصر الفارسي في واحة الخارجة، وقد بٌنى أساسه في نهاية حكم الأسرة المصرية الــ 26 قبل الغزو الفارسي، لكن استكَمّل بناؤه الملك الفارسي دارا الأول، ويتضح ذلك من خلال البوابة الفارسية للمعبد .

أما النقوش فإنها تصوّر دارا الأول يرتدي التاج المصري، ويقدّم القرابين للآلهة المصرية آمون وموت وخنسو، وذلك يدل على ان الفرس كانوا يحاولون كسب تأييد الكهنة المصريين، ولازالت الكتابات الهيروغليفية في المعبد واضحة، وتُظهر احترام الفرس للديانة المصرية رغم الحكم الأجنبي.

معبد هيبس في واحة الخارجة

ويعد معبد هيبس في واحة الخارجة، هو المعبد الوحيد المتبقي من العصر الصاوي الفارسي، شيد المعبد في عهد الملك الفارسي دارا الأول لكنه بني على بقايا معبد قديم يعود إلى الأسرة السادسة والعشرين، وتظهر نقوشه مزيجُا بين الفن المصري القديم والتأثيرات الفارسية .

شٌيد المعبد من الحجر الرملي فوق بقعة مرتفعة نسبيًا عما يحيط بها من أرض منبسطة، وقد كان الغرض من ذلك أن يرتفع المعبد فوق كل ما عداه من مبان ومساكن المدينة القديمة التي كانت تٌحيط به من كل جانب، وبذلك يتيسر للناظر إليه إدراك أهميته كمكان مقدس ومركز لعبادة الإله.

معبد هيبس في واحة الخارجة

يبدأ المعبد من الشرق بمرفأ كان مٌقامًا على حافة البحيرة المقدسة التي كانت تتقدم المعبد، ثم البوابة الرومانية التي تحمل نقشُا يونانياً من عهد الإمبراطور (جلبا) عام 69م، ثم البوابة البلطمية تليها البوابة الفارسية للملك دارا لأول، والتي تؤدي إلى طريق الكباش المؤدي إلى البوابة الكبرى ثم البوابة الرئيسية، ويقع في نهاية المعبد قدس الأقداس بنقوشه الفريدة من نوعها.

يماثل المعبد في تخطيطه تخطيط المعبد المصري في المملكة المصرية الحديثة الصرح الفناء المكشوف - صالة الأعمدة ثم قدس الأقدس، وهو التخطيط الذي استمرت عليه المعابد المصرية التي نشأت في العصرين البطلمي والروماني حول المعبد توجد بقايا من الحجر الرملي الذي كان يحيط بالمعبد من ثلاث جوانب هي الشمالية والجنوبية والغربية تهدم ولم يتبق منه إلا أجزاء قليلة الارتفاع وحيث كان يشكل مع حوائط المعبد ممرًا يدور حول جسم المعبد، وتدعم أرضيته الحجرية المرتفعه نسبيُا أساسات من الخارج، وفي الركن الجنوبي الغربي للمعبد من الخارج يوجد مبنى بيت الولادة (الماميزي)، وهو مبنى صغير منفصل عن المعبد الجنوبي الغربي لبهو الأعمدة.

معبد هيبس في واحة الخارجة

الحياة الإدارية والاجتماعية

احتفظ الفرس بمعظم الإداريين والكهنة المصريين في أماكنهم لضمان استقرار الحكم، وكانت الواحات الخارجة تٌدار من خلال موظفين محليين تابعين للساتراب الفارسي في طيبة أو منف.

كانت الخارجة مركزًا وتجاريُا واضحُا، خصوصًا في التمور والقمح، واتسعت الزراعة وزاد عدد السكان حول المعبد، وازدهرت الواحات عمومُا، خصوصًا الخارجة؛ بسبب اهتمام الفرس بالطرق التجارية، وحٌفرت آبار جديدة، وتم تنظيم الريّ في بعض المناطق.

معبد هيبس في واحة الخارجة

أسطورة غرق جيش قمبيز الثاني فى بحر الرمال العظيم

غرق جيش قمبيز في بحر الرمال العظيم، هو قصة أسطورية نقلها المؤرخ هيرودوت، تروى عن اختفاء 50 ألف جندي فارسي في الصحراء الغربية بمصر عام 525 قبل الميلاد أثناء توجههم لغزو واحة سيوة، وقيل واحة بيريز أو باريس ، وتقول الأسطورة إن عاصفة رملية قوية ابتلعتهم ودفنتهم تحت الرمال، واختفى الجيش بالكامل تحت الرمال المتحركة، بسبب تحدي قمبيز لكهنة آمون في معبد الوحي أو التنبؤات بسيوة.

وفي عام ٢٠٠٠م، أعلن أحد السياح الامريكان أثناء قيامه برحلة سفارة من الواحات البحرية لواحة سيوة عن مشاهدته بقايا عظام وأسلحة برونزية في الصحراء الغربية، بكميات كبيرة، وقام بأخذ إحداثيات الموقع وأبلغ مركز البحوث الأمريكى الذى قام بالتنسيق مع المجلس الأعلى للآثار للقيام بعمل رحلة استكشافية للموقع المُبلغ عنه، وتم عمل مسح اثري قرب واحة البحرين المهجورة فى الطريق بين الواحات البحرية وواحة سيوة، لكنهم لم يتمكنوا من العثور علي شىء، ربما بفعل العواصف الرملية التى قد تكون أخفت تلك العظام مرة أخرى ، وتظل قصة "جيش قمبيز المفقود" محورًا للعديد من البعثات الأثرية والاستكشافية في الصحراء الغربية المصرية، على أمل العثور على أدلة قاطعة تكشف حقيقة ما حدث في يوم من الأيام.

الأثري عبد الله إبراهيم موسي

مدير منطقة آثار مرسى مطروح للآثار الإسسلامية والقبطية

معبد هيبس في واحة الخارجة

معبد هيبس في واحة الخارجة

معبد هيبس في واحة الخارجة

معبد هيبس في واحة الخارجة

الأثري عبد الله إبراهيم موسى

تقارير ومتابعات

آخر الأخبار