الأربعاء، 17 ديسمبر 2025 12:34 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب النائب المستشار/ حسين أبو العطا

تقارير ومتابعات

عبلة الكحلاوي.. سيدة أحيت طريق الدعوة بـ«الكلمة الطيبة والباقيات الصالحات»

بوابة المصريين

وُلدت الدكتورة عبلة الكحلاوي في 15 ديسمبر 1948م، وهي ابنه الفنان محمد الكحلاوي، وكانت تعمل أستاذة للفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر .

اسمها عبلة مرسي عبد اللطيف الكحلاوي، وهي ابنه مداح الرسول الفنان محمد الكحلاوي الذي حفظ القرآن الكريم، وعرف ربه بالحب وطلب منها أن تتعرف علي خالقها بالعلم، فنفذت الوصية وقضت سنوات طويلة في طريقها من التلميذة إلي الأستاذة في علوم الدين، ورأت أن القواعد والأحكام والمعلومات وحدها لا تكفي لإضاءة الطريق أمام الدعوة، فأسست منهجا يجمع بين الحب في الله وتطبيق شرعه حتي تتفتح القلوب قبل العقول أمام كلمة الحق.

درست في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وتنفيذا لرغبة والدها وتخصصت في الشريعة الإسلامية وحصلت علي الماجستير عام 1974م في الفقه المقارن، وحصلت علي الدكتوراة عام 1978م في التخصص ذاته، وانتقلت إلي أكثر من موقع في مجال التدريس الجامعي منها كلية التربية للبنات في الرياض وكلية البنات بجامعة الأزهر، وفي عام 1979م تولت الدكتورة عبلة الكحلاوي رئاسة قسم الشريعة في كلية التربية في مكة المكرمة، وفي عام 1983م كانت في رحلة إلي ألمانيا ولاحظ الناس زيها ووجهوا لها تساؤلات عن الإسلام عرفت منها أن هناك سوء فهم كبير لحقيقة دين الله الخاتم، فسعت لإلقاء محاضرة بأحد المراكز الإسلامية هناك، ومنذ ذلك الحين تعهدت مع وزوجها بالقيام بهذا الواجب فكانا يذهبان سنويا إلي الدول الأوروبية علي نفقتهما الخاصة لعرض الصورة الصحيحة للإسلام في المراكز الإسلامية هناك.

واتجهت إلي الكعبة المشرفة لتلقي دروسا يومية بعد صلاة المغرب للسيدات ،وقد استمرت هذه الدروس منذ عام 1987 إلي 1989م، وكانت تستقبل هناك مسلمات من سائر أنحاء العالم، وبعد عودتها إلي القاهرة بدأت في إلقاء دروس يومية للسيدات في مسجد والدها الكحلاوي في البساتين، وركزت في محاضراتها علي إبراز الجوانب الحضارية للإسلام، بجانب شرح النصوص الدينية والإجابة عن التساؤلات الفقهية.

طلبت ياسمين الخيام من الدكتورة عبلة الكحلاوي، أن تلقي دروسًا دينية للفنانات المحجبات في مسجد والدها الشيخ محمود خليل الحصري بمحافظة 6 أكتوبر فرحبت بذلك، وكان من بين هؤلاء الفنانات نورا وعفاف شعيب وشمس البارودي وشهيرة، وكلفت بإلقاء دروس دينية في الجامع الأزهر، ولها درس أسبوعي في بيت الحمد في مسجد المقطم.

استطاعت الدكتورة أن تدخل قلوب الملايين في مصر والعالم العربي والإسلامي وان تقدم نموذجا للداعية التي تجمع بين التفقة في الدين والقدرة علي ان تكون محل ثقة وحب واحترام الجميع في وقت يكثر فيه الجدل والاختلاف وعلي مدار عمرها لم تطلق فتوي غربية أو مثيرة للجدل، حرصت دائما علي أن تتحدث فيما ينفع الناس ويجمعهم ولا يفرقهم.

بمجرد ان تسمع صوتها تشعر بالراحة والطمأنينة تنجذب إلي أسلوبها الهادئ وروحها الطيبة، تشعر أنها أم حنونة تملك صوت الحكمة فتلجأ إليها لتستشيرها وتسألها وأنت واثق أنك ستجد لديها حلا لمشاكلك يريح قلبك، وهي دائما تقدس الإنسانية وتهتم بما ينفع الإنسان تستمع بانتباه لأي سؤال أو شكوي وترد بحرص وحكمة بإجابات وفتاوي وكلمات تحمل روح الدين وسماحة الإسلام وحنان الأم وحكمة الفقة لذلك دخلت القلوب وحازت ثقة الملايين وهي شخصية فريدة لم تكتف بالدعوة إلي سبيل الله ونشر سماحة الدين بالقول والفتوي فقط لكنها تمثل وتقدم دائما نموذجا للعمل الصالح واختارت أصعب سبله.

وكانت تعمل الكثير من أعمال الخير ومساعدة المحتاجين، وتخوض أصعب مجالات العمل الخيري التي يخشاها غيرها وتنفق معظم ما تجمعه من أموال دون أن تتحدث أو تعلن أختارت أصعب المجالات وهو مساعدة المسنين من مرضي الزهايمر الذين تخلي عنهم أقرب الناس، فأنشئت دار "أبي" للرجال، ودار "أمي" للسيدات، لمساعدتهم في اضعف حالاتهم فلا يستطيع أي منهم أن يقوم بأبسط الأشياء ، ورغم أنهم فقدوا حتي الذاكرة وعجزوا عن الحركة والكلام ويحتاجون رعاية خاصة وصبر شديد، فأنهم يعرفون هذا الوجه الذي تحنو صاحبته عليهم، وتحاول تعوضهم شيئا مما فقدوه فيجتمعون حولها كأطفال يتجاوز أعمارهم السبعين يحتضنونها ويتحدثون معها.

وكانت تقضي أوقاتها فيما ينفع الناس سواء بالدعوي إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ومساعدة المحتاجين ووسط كل هذه الضغوطات تحتفظ بابتسامتها وسكينتها الدائمة وتتذكر ما مر بها من تجارب ورسائل ربانية ، حين شاهدت والدها الشيخ محمد الكحلاوي الذي كان مطربا وممثلا ، وفقد صوته فجأة وبعد فترة من المحنة رأي رؤية سمع فيها هاتفا يناديه: "سيعود صوتك فلا تغن إلا للرسول" واستيقظ الأب ليجد صوته قد عاد ، ويعيش ما تبقي من حياته مداحا للرسول ورفضا ان يغني لغيره ، حتي أنه رفض الغناء أمام الرئيس جمال عبد الناصر الأسبق رغم حبه له ،ووفاء بعهده مع الله، وفعرف أبنائه السبعة ومنهم الدكتورة عبله أهمية الوفاء بالعهد مع الله ومعيته.

أسست الدكتورة جمعية خيرية في المقطم لرعاية الأطفال الأيتام ومرضي السرطان وكبار السن من مرضي الزهايمر، بالإضافة لمجمع حمل الاسم نفسه في المقطم وقدمت عبلة الكحلاوي برامج تليفزيونية منها في حب المصطفي (صل الله عليه وسلم).

تزوجت من اللواء المهندس محمد ياسين بسيوني أحد شهداء حرب أكتوبر، و ساهم في تدمير خط بارليف بشكل سري لتحقيق نصر أكتوبر العظيم وتقول عنه انه كان هدية الله إليها، وكان عصاميا خلوقا حنونا، عاشت معه أسعد أيام حياتها ،وأنجبت منه بناتها الثلاثة "مروة ، رودينا ،هايدي" وأنه ساعدها علي استكمال دراستها والحصول علي الماجستير والدكتوراة، وعندما توفي قال لها وزير الدفاع وهو يعزيها "مات أكثر الضباط أخلاقًا وأدبًا".

وقالت عنه :"أشعر أن زوجي لم يفارقني ، واراه معي دائما وأنا أباشر العمل في الجمعية التي أصبحت كأنها أحد أبنائي ، فهي حلمي وزادي للآخرة وعملي الذي لن ينقطع في الدنيا".

كانت تصر علي ترك بصمة في العمل الخيري وبذلك حظيت بهذا القدر الكبير من المحبة بين الناس علي أرض الواقع وفي الفضاء الإلكتروني ، تجسد ذلك في عاصفة الحزن التي حولت وسائط التواصل الاجتماعي إلي سرادق عزاء فور إعلان وفاتها، وهو ما رصدته مواقع إعلامية عالمية مثل (سي إن إن عربي) رحلت عبلة الكحلاوي بجسدها ولكن بقيت في قلوب الناس وذاكرة الوطن ضمن "الباقيات الصالحات".

توفيت الدكتورة عبلة الكحلاوي 24 يناير 2021 عن عمر يناهز الـ 72 عاما متأثرة بالإصابة بفيروس كورونا.

تقارير ومتابعات

آخر الأخبار