الجمعة، 26 أبريل 2024 06:38 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

تقارير ومتابعات

حوار.. لقاء الحضارات ما بين مصر والصين «الجزء الثانى»

بوابة المصريين

الدكتورة نادية حلمى -خبيرة الشؤون السياسية الصينية والآسيوية وأستاذة العلوم السياسية جامعة بنى سويف-، تعبر بنا القارات ونستشرف التقاء حضارات الشرق في إطار المناسبات الاجتماعية وتأثيرها على الفرد والمجتمع، من خلال حوار لقاء الحضارات ما بين مصر والصين «الجزء الثانى».

* دور الأم وتأثيره على التقدم فى المجتمع الصينى، وكيف نطبق ذلك فى مصر؟

- حث الرئيس الصينى الأسبق للحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، الزعيم (ماو تسى تونغ)، المرأة على المشاركة في حمل المسؤولية فى المجتمع، وأطلق حينها شعاره الشهير المعروف به بأن "النساء يرفعن نصف السماء".

فضلاً عن الحكمة الشهيرة لدى الصينيين، بأن: "النساء مثل الماء، لأن الماء هو نبع الحياة، كما أنه يتكيف مع محيطه مثل النساء، يعطى الماء من نفسه أينما ذهب ليغذى الحياة".

ولعبت المرأة الصينية دوراً كبيراً فى مكافحة جائحة كورونا، وقادت أبنائها والمجتمع الصينى بأسره، وتصدرت الخطوط الأمامية وميادين أخرى فى مهمة شاقة لإنقاذ أبنائهن ومواطنيهم من إنتشار الفيروس القاتل، ووجدنا هنا أن السيدات الصينيات من عضوات الحزب الشيوعى الحاكم، والممرضات والشرطيات وموظفات مكافحة الأمراض، والعاملات والمتطوعات فى التجمعات السكنية والصحفيات وكافة المتطوعات الصينيات فى جميع المجالات كن يؤدين واجباتهن بإخلاص وتفان لحماية أبنائهن والدفاع عن وطنهن.

وخلال فترات مكافحة العدوان، تقدمت نساء الصين الخطوط الأمامية للقتال دفاعاً عن أوطانهن وأبنائهن، فقد حلقت بعض النساء فى الصين وقصصن شعرهن، وتنكرن فى أزياء شبيهة بالرجال من أجل أن يشاركن فى المعارك الخاصة للدفاع عن مصالح الوطن وأبنائه، والمثال الأقرب على ذلك، كان خلال (حرب المقاومة الصينية ضد العدوان اليابانى) فى عام ١٩٣٧، والتى إستمرت نحو ثمانى سنوات، وإنتهت بإنتصار الصين فى عام ١٩٤٥، وأسفرت عن إستشهاد وإصابة ملايين السيدات الصينيات المشاركات فى تلك الحرب من أجل تحرير أوطانهن وأبنائهن من الظلم والفساد والعدوان، وتواصلت للآن تضحيات المرأة الصينية فى كافة المجالات إثباتاً لوجودهن، وتحريراً لأوطانهن، ولتربية أبنائهن.

فكان التغيير الحقيقى بشأن إنتزاع المرأة الصينية حقوقها، بعد أن عانت طويلاً من فكرة "تفوق الرجل على المرأة"، والتى كانت راسخة وسائدة في الصين قديماً وحتى بدايات تأسيس جمهورية الصين الشعبية سنة ١٩٤٩، ومن هنا كان التغيير الحقيقى الإيجابى لأوضاع المرأة الصينية هو ما حدث عام ١٩٩٢، عند صدور (قانون ضمان حقوق ومصالح المرأة لجمهورية الصين الشعبية)، والذى يعتبر أول قانون أساسى متعلق بحقوق ومصالح النساء فى الصين، حيث يوضح حقوق المرأة ومصالحها فى تلقى التعليم والبحث عن الوظيفة والعمل، وفى إستخدام الأرض فى المناطق الريفية، وغيرها.

وتقدمت المرأة الصينية كالعادة الصفوف الأمامية للعمل فى مجال القضاء والدفاع عن العدالة، وإستصدار قوانين لصالحهن ودفاعاً عن حقوقهن، حيث نجحن فى النضال من أجل إصدار (قانون العمل لجمهورية الصين الشعبية)، ودخوله فعلياً حيز التنفيذ، حيث ينص صراحةً على الحماية الخاصة للمرأة العاملة فى الصين، وفى أول يونيو عام ١٩٩٥، تم تنفيذ (قانون الرعاية الصحية للأمهات والرضع فى جمهورية الصين الشعبية).

وتوالت بعدها ثمرات نجاح الأم الصينية العاملة حفاظاً على أبنائهن وأسرهن وفق شروط عمل عادلة، أذكر منها (قانون دفع التوظيف لجمهورية الصين الشعبية)، والذى ينص على أن "الدولة تكفل للمرأة حقوقاً متساوية فى العمل مع الرجل، وعدم تضمين عقد العمل قيوداً على النساء العاملات بشأن الزواج والإنجاب"، مما يقدم ضماناً لتوظيف النساء بصورة عادلة وعدم التعرض للتمييز ضدهن. وفى ٢٨ إبريل ٢٠١٢، بدأ تنفيذ (الأحكام الخاصة لحماية المرأة العاملة لجمهورية الصين الشعبية). وتوالت بعدها جهود المرأة الصينية والدولة فى الدفاع عن حقوق المرأة فى الصين وأبنائهن.

فقد قام المجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى، والذى يعمل بمثابة البرلمان، بمراجعة شاملة لقانون (ضمان حقوق ومصالح المرأة لجمهورية الصين الشعبية)، وأضاف بشكل واضح (مبدأ المساواة بين المرأة والرجل فى الصين إلى بنوده)، وتم إعتبارها بمثابة سياسة أساسية للدولة الصينية.

وهنا، فقد لعب (إتحاد النساء لعموم الصين) المنوط به رسمياً حق الدفاع عن النساء فى الصين، وبذل جهوداً كبيرة لأكثر من عشرين سنة، من أجل دفع التشريعات المتعلقة بمكافحة العنف الأسرى ضد المرأة والطفل فى أنحاء البلاد. فكانت ثمرة جهود المرأة الصينية هو إستصدار (قانون مكافحة العنف الأسرى ضد النساء لجمهورية الصين الشعبية) فى عام ٢٠١٦، إذ يحدد هذا القانون نظام (الإبلاغ الإلزامى عند تعرض المرأة للعنف، نظام الإيواء الإلزامى للمرأة المعنفة أى الواقع عنف ضدها، ونظام خطاب التحذير لمن يمارس حق العنف ضد المرأة، ونظام حماية السلامة الشخصية، وهو الذى يعد إختراقاً ونجاحاً كبيراً وحقيقياً فى تطبيق وتطوير هذا القانون).

ويعد آخر نجاح للمرأة الصينية، هو إقرار الدولة الصينية رسمياً (برنامج تنمية المرأة الصينية بين عامى ٢٠١١ وعام ٢٠٢٠)، والذى نتج عنه زيادة نسبة النساء الصينيات المشاركات فى الشؤون الحكومية وصنع القرار وإدارة الشركات فى أنحاء الدولة الصينية.

وأخيراً، فمنذ أن قررت الصين تبنى سياسة تسمح بالطفل الثانى لكل أسرة صينية بدءاً من عام ٢٠١٥، تقوم الحكومات المحلية وحكومة المقاطعات والمدن فى الصين بتمديد (أجازات الأمومة للتشجيع على الإنجاب). وبناءاً على ذلك، وجدنا الدولة الصينية قد إستطاعت بنجاح وإقتدار أن تدافع عن حقوق نسائهن بفضل هذا النضال الطويل لهن للحفاظ على حقوقهن ومكتسباتهن.

وعلى الجانب الآخر، يمكن للمرأة المصرية الإستفادة من تجربة نظيرتها الصينية فى مجال العمل بالقضاء، وهو الحق الذى إكتسبته المرأة الصينية منذ سنوات طويلة، بينما مازالت تتعثر المرأة المصرية أملاً فى إنتزاع هذا الحق من حقوقهن مستقبلاً، كذلك يمكن للمجلس القومى للمرأة فى مصر التعلم والإستفادة من خبرات نظيره الصينى، وهو (إتحاد النساء لعموم الصين)، ويمكن عمل شراكات وبرامج مشتركة بين المنظمات المصرية المعنية بالمرأة ونظيرتها الصينية، وأيضاً يجب على المجلس الأعلى للثقافة والترجمة فى مصر الإهتمام بعمل مشروعات ترجمة حقيقية لدراسة تجارب المرأة الصينية ونقلها لنظيرتها المصرية، وأنا هنا أؤكد على نقطة غاية فى الأهمية فطنت إليها جمهورية الصين الشعبية، ألا وهى (التعلم من الخبرات والتجارب وفقاً لظروفنا وخصائصنا البيئية والثقافية)، ومن هنا، فإن المرأة المصرية رغم نجاحها فى السنوات الأخيرة فى إنتزاع الكثير من حقوقهن ومكتسباتهن، إلا أنه مازال أمامها الكثير لترسيخ هذا النجاح من أجل العمل بسلك القضاء على غرار نظيرتها الصينية، والعمل يداً بيد مع الدولة رسمياً لإعداد قوانين ملزمة، وصياغة الكثير من حقوقهن.

* لكل شعب طقوسه الإحتفالية فما هي مظاهر احتفال الصينيون بعيد الأم؟

- يوافق عيد الأم الرسمى فى الصين يوم (٩ مايو)، والذى يوافق يوم الأحد الثانى من شهر مايو كل عام، ولا تعد الصين هذا اليوم ضمن أيام الأجازات والأعياد أو المناسبات الرسمية، ويحتفل الشباب بهذا اليوم مقارنةً بطوائف المجتمع الصينى الأكبر سناً، وكظاهرة لافتة للنظر، يحتفل الشباب الصينى تحت سن الخامسة والثلاثين فقط بعيد الأم فى الصين.

ولعيد الأم تقاليد خاصة فى الصين، حيث يحرص كثير من الصينيين على غسل وتنظيف أقدام أمهاتهم فى هذه المناسبة، كتعبير عن الشعور بالإمتنان والجميل لهن بعد أن تعبن فى الحمل والولادة والتربية، بالإضافة إلى تقديم الهدايا لأمهاتهم.

ويوم عيد الأم فى الصين، إعتادت بعض المدارس والكليات فى الصين أن تنظم معارض بها حاجات وهدايا ومشتريات تخص وتناسب الأمهات، فضلاً عن حرصهم على تخصيص وتقديم مساعدات للأمهات المحتاجات منهن، كما ينظمون فى الصين أيضاً حفلات لتكريم الأمهات، تحت عنوان "الأمهات الأكثر إستثنائية".

وتعد (إعداد مائدة الطعام الصينية التقليدية) فى الصين إحتفالاً وإبتهاجاً بالأم وبكافة المناسبات، لهو ظاهرة مألوفة فى الصين، ويستحضرنى فى هذا الشأن، تلك المقولة المأثورة فى المجتمع الصينى، والتى تقول "الطعام هو سماء الشعب"، ومن هنا، نجد أن التغيرات التى طرأت على شكل مائدة الأسرة الصينية يمكن أن تعكس التغير فى مستوى معيشة المواطن الصينى ذاته.

وتحرص كافة الأماكن فى الصين على الإحتفال الجماعى بعيد الأم،

ومثلما هو عليه الحال فى مصر، فإن (إدارات السجون الصينية) تستقبل عدداً من الأنشطة لأمهات المسجونين، فقد إهتم الإعلام الصينى بشكل كبير بالإحتفال الذى نظمته (إدارة سجن تونغ لينغ) بمقاطعة آنهوى فى شرق الصين، للإحتفال بعيد الأم، وقام المساجين بغسل أقدام أمهاتهم وهم يبكون.

وكشكل غير تقليدى جديد للإحتفال بعيد الأم الصينى، فقد سلط موقع مجلة (تشاينا ديلى) الضوء على

(عرض أزياء لفساتين زفاف السيدات المتزوجات) من أجل الإحتفال بعيد الأم فى مدينة ووهان، عاصمة مقاطعة هوبى بوسط الصين. والطريف فى الأمر أنه تم تدريب نماذج السيدات لمدة شهر تقريباً لمدة من خمس إلى ست ساعات فى اليوم. ويعد تقليد عرض الأزياء الذى نظمته مجموعة من السيدات الصينيات للإحتفال بيوم عيد الأم نوع جديد وغير مألوف من نوعه وغير متعارف عليه فى الصين، إذ قامت السيدات الأمهات بإرتداء فساتين زفافهن للإحتفال بذلك اليوم فى عرض أزياء مخصص لهن إحتفالاً بأمهاتهن.

وبسبب إنتشار جائحة فيروس كورونا، فقد جاء شكل إحتفال الصينيين بعيد الأم فى ظل كورونا، من خلال: (معايدتهن عبر الهاتف، وهدايا بواسطة خدمة التوصيل) وغيرها من مظاهر الإحتفال الرقمى والتكنولوجى بفعل جائحة كورونا. ولكن يلاحظ، أنه بسبب التقشف فى هذه الفترة القاسية، بسبب إرتفاع الأسعار، فإن ذلك أرغم الصينيين على تجاوز الهدايا الثمينة لأمهاتهم فى هذه المناسبة السامية، والإكتفاء بشراء هدايا بسيطة لهن.

إيمان عزت عيد الام بوابه المصريين مصر الصين

تقارير ومتابعات

آخر الأخبار