هشام بيومي يكتب: الشركات الأجنبية و تقويض الإنتاج المحلي في مصر


في خضم حملات المقاطعة الشعبية التي تستهدف المنتجات الأجنبية، بدأت تظهر محاولات واضحة من بعض الشركات العالمية للالتفاف على هذه الجهود الوطنية، بل واستغلالها لصالحها عبر أساليب خفية لكنها مؤثرة. إحدى هذه الأساليب هي استخدام المصريين أنفسهم كأداة لضرب المنتج المحلي، وتشويه صورته أمام المستهلك.
التلاعب بالأسعار: سلاح خفي
تشير بعض التقارير الميدانية والمشاهدات اليومية إلى ظاهرة مثيرة للقلق، وهي أن موزعي بعض المنتجات الأجنبية، خصوصًا مشروبات "الكانز" الغازية المستوردة، باتوا يعرضون منتجاتهم بأسعار أقل من المنتج المحلي، بل ويحرّضون أصحاب الأكشاك والمحلات على رفع سعر المشروب المحلي بهدف إظهاره كخيار غير اقتصادي أمام المستهلك المصري.
على سبيل المثال، نجد أن سعر المنتج المحلي في بعض الأكشاك يصل إلى 20 جنيهًا، بينما يباع في المحلات بـ17 جنيهًا، في حين أن المنتج الأجنبي يباع بـ15 جنيهًا، ما يعطي انطباعًا خاطئًا بأن المنتج المحلي مبالغ في سعره، رغم أن الفرق ناتج عن تلاعب ممنهج وليس عن تكاليف إنتاج حقيقية.
استغلال الداخل لضرب الداخل
الأخطر من ذلك أن هذه الاستراتيجية تعتمد على تقسيم المجتمع من الداخل. فبدلًا من أن تتواجه الشركات الأجنبية مع حملات المقاطعة بشكل مباشر، تقوم بتوظيف شبكة موزعيها المحليين لتخريب السوق من الداخل، ودفع المصريين أنفسهم إلى الإضرار بمنتجهم المحلي، إما بدافع الربح أو بتأثير الضغوط التنافسية.
المقاطعة ليست مجرد رفض شراء
المقاطعة ليست فقط امتناعًا عن شراء المنتج الأجنبي، بل هي أيضًا دعم حقيقي للمنتج المحلي، وحماية له من حملات الإضعاف المنظمة. لذا، يجب أن نكون على وعي بأن الحروب الاقتصادية لا تُخاض بالسلاح فقط، وإنما أيضًا بالتسعير، والتوزيع، والتضليل، واختراق السوق.
ما المطلوب من المواطن؟
الوعي: يجب على المواطن أن يدرك أن الفروق في الأسعار قد تكون مصطنعة وموجهة، وليست دائمًا تعبيرًا عن جودة أو تكلفة إنتاج.
الدعم الواعي: دعم المنتج المحلي لا يعني شراءه بأي ثمن، بل يعني المطالبة بسعر عادل، وجودة محترمة، وشفافية في التعامل.
نشر الوعي: من الضروري أن يتحدث المواطنون مع بعضهم عن هذه المخططات، وأن ينشروا الوعي بحقائق السوق.
الضغط الشعبي: يمكن عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو جمعيات حماية المستهلك الضغط على المنتجين المحليين لضبط الأسعار دون الإضرار بالمقاطعة.
إذا كنا نخوض حربًا اقتصادية غير معلنة، فإن سلاحنا الأول هو الوعي، وعدونا الأول هو التلاعب بعقولنا وجيوبنا. لا تسمح لأحد أن يستخدمك أداة ضد بلدك. دعمك للمنتج المحلي هو دعم للاقتصاد المصري، ومواجهة للمؤامرات الناعمة التي تستهدف استقلالنا الاقتصادي.