الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024 02:32 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

مريم عماد تكتب ..سجون التفكير الزائد : عندما تتحول الأفكار إلى أغلال

مريم عماد
مريم عماد

في حين يستعد العالم للنوم، هناك من يخوض معركة خفية داخل عقله، تتفوق صعوبتها على أي حرب خارجية. هؤلاء هم أسرى التفكير المفرط، حيث تصبح عقولهم ساحات معارك لا تهدأ، مليئة بالأفكار والأسئلة التي لا تعرف نهاية.

الأفكار كأغلال ليلية
بالنسبة لمريض التفكير المفرط، يتحول الليل إلى سجن مظلم. يتقلب على وسادته، يحاول الهروب من أسئلة لا تهدأ: "هل كان عليّ قول شيء أفضل؟ ماذا لو اتخذت قرارًا آخر؟" أفكار بسيطة تتحول إلى كوابيس يقظة، وكأن عقله يصر على محاكمته، مرارًا وتكرارًا، على أحداث الماضي.

هوس المثالية يزيد الطين بلة. يستحضر كل كلمة قالها وكل فعل قام به، يجلد ذاته على أخطاء وهمية أو غير مقصودة. ولا ينتهي الأمر هنا؛ فالتفكير لا يكتفي بالماضي، بل ينقل المعركة إلى المستقبل.

الخوف من المجهول
في عقل أسير التفكير المفرط، المستقبل ليس فرصة جديدة بل فخٌّ مخيف. يبدأ بطرح أسئلة لا تنتهي: "ماذا لو أخفقت؟ ماذا لو لم أكن مستعدًا؟" وبينما يحاول السيطرة على ما لم يحدث بعد، يجد نفسه عالقًا في دوامة من القلق، لا نهاية لها.

هذا الشعور بالقلق المستمر ينهك النفس والجسد. فكلما حاول التخلص من مخاوفه، وجدها تكبر وتتحول إلى وحوش تنهش سلامه الداخلي.

كيف يتحررون؟
التخلص من سجون التفكير المفرط ليس بالأمر البسيط. فهو يتطلب بدايةً الوعي بوجود المشكلة. يمكن للكتابة أن تكون متنفسًا؛ تدوين الأفكار ووضعها على الورق قد يخفف من عبء حملها داخل العقل. كما أن الحديث مع مختص نفسي يساعد في فهم جذور التفكير المفرط ووضع استراتيجيات للتحرر منه.

لكن الأهم من ذلك كله، هو إدراك أن الكمال وهم، وأن القلق بشأن المستقبل لن يغيره. البدء في تقبل اللحظة الحالية ومحاولة إيجاد السلام فيها، ولو بخطوات بسيطة، هو بداية الخروج من هذا السجن الذهني.

أخيرًا، ليس عيبًا أن يطلب الشخص المساعدة. أن يكون أسيرًا لعقله لا يعني أنه ضعيف، بل يعني أنه بحاجة لمن يأخذ بيده ليعيده إلى مسار الحياة الطبيعي. ففي نهاية المطاف، نحن نستحق أن نعيش بسلام، وننام بهدوء دون أن تلاحقنا أشباح أفكارنا.

مريم عماد سجون التفكير الزائد الأفكار أغلال

مقالات الرأي

آخر الأخبار