لاشك أن الثورة التكنولوجية أحدثت نقلة نوعية كبيرة في تبادل ونقل المعلومات مما يعد بالتبعية ثورة معلوماتية عابرة للقارات تنشأ في مغارب المعمورة ليطلع عليها من هو في أقاصي الشرق في حينها ، بما بات معه شهود العالم ولادة الفكرة والمعلومة في حينها بفضل الانترنت الذي أزاح كل العوائق والحدود الجغرافية والسياسية ومن خلال نافذة صغيرة يمكنك التحكم والنشر والتعليق على كل ما يبث عبر الشبكة العنكبوتية وهو ما يتبادر إلى الذهن عن مدى الحماية والأمان والخصوصية في التعامل مع تلك الشبكة الغير محدودة والمحصورة بمكان، مما تعد بيئة خصبة لإرتكاب العديد من الجرائم خاصة وأنها ليست بحاجة لتوافر ذات الصفات التي حددها علماء النفس وأساتذة علم الاجرام في الأشخاص مرتكبي الجرائم، حيث تقع الجريمة بقصد وبدون قصد ومن أشخاص طبيعيين ليست لديهم ميول اجرامية، وقد يكون التخفي خلف الشاشة وحب الاستطلاع دافع وراء ارتكاب بعض جرائم الانترنت ، خاصة وأنه غير مرتبط بمكان مما يجعله يعتقد أنه في حل من العقاب، وكلما ازداد استخدام الإنترنت في الحياة الشخصية أو المهنية ازدادت مخاطر السقوط كضحية لجرائم الإنترنت ونتج عن إساءة استخدام المعلومات ارتكاب العديد من الانتهاكات كالتعدي على الأشخاص، وعلى النظام العام بالمخالفة للدور الأساسي التي تقوم به المعلوماتية في النظام الاقتصادي الداخلي والدولي، حيث كشفت نتائج دراسة قامت بها مؤسسة "بيتكوم" المتخصصة في الإنترنت والعالم الرقمي أن ضحايا تلك الجرائم هم من مستخدمي الكثير من البرامج التي تتوفر على ثغرات أمنية على الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر، وقد سجل خبراء الجريمة في عالم الإنترنت زيادة في نسبة الجرائم مقارنة مع السنوات الماضية.

وقد أدى التزايد المستمر لاستخدام شبكة الإنترنت إلى إتساع الكثير من الأفعال الغير مشروعة، والتي يطلق عليها ”جرائم الإنترنت” أو الجرائم الإلكترونية متعدية الحدود تمييزاً لها عن الجرائم المعلوماتية . ترتكب في مجتمع منفتح عبر شبكات تخترق الزمان والمكان، ومن ثم اكتسابها طبيعة دولية حيث تعرف جرائم الإنترنت بأنها كل نشاط إجرامي تكون شبكة الإنترنت دوراً هام في إتمامه على أن يكون هذا الدور على قدر من الأهمية، ولا يختلف الأمر سواء تم النشاط عبر شبكة تضم عدة حسابات آلية أو كانت الشبكة وسيلة لارتكابه . فالجريمة الإلكترونية تعد جريمة معلوماتية ولكن ليست كل جريمة معلوماتية جريمة إلكترونية، فالجريمة الإلكترونية لابد وأن ترتكب في إطار شبكة تضم عدة حسابات آلية.

ولما تمتاز به تلك الجرائم من طبيعة خاصة، ونظراً للخطورة التي تشكلها على المستوى الدولي، والخسائر التي تتسبب بها، مما يستوجب في سبيل مكافحة تلك الجرائم تضافر الجهود والتعاون المشترك بين الدول والجهات المعنية لمكافحة والحد من وقوع مثل تلك الجرائم وخيمة العواقب.