الأحد، 27 يوليو 2025 08:38 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هدى صالح تكتب .. الثانوية العامة وسماعات الغش: طريق مختصر نحو مستقبل مزيف.

هدى صالح
هدى صالح

‎مع كل موسم امتحانات ثانوية عامة، يتكرر مشهد الغش وكأننا لم نتعلم من دروس السنوات الماضية، لكن الأمر بات أكثر خطورة اليوم، بعد أن أصبحت وسائل الغش أكثر تطورًا وأصعب في الكشف، وأصبح بعض الطلاب يدخلون الامتحانات مسلحين بسماعات بلوتوث وأجهزة دقيقة وكأنهم في معركة مصيرية… مع القيم والضمير.

‎وهنا تطرح تساؤلات مهمة نفسها بقوة:
‎هل مجموع الثانوية العامة هو الذي يحدد فعلاً مصير الطالب؟
‎وهل يستحق طالب حصل على درجاته بالغش أن يتساوى مع طالب آخر اجتهد وسهر الليالي واعتمد على مجهوده فقط؟
‎بل الأهم من ذلك: هل نضمن أن يصبح الغاش طبيبًا يُؤتمن على أرواح البشر؟ أو مهندسًا يبني بيوتًا يعيش فيها الأبرياء؟ أو معلمًا يُخرج أجيال المستقبل؟

‎الحقيقة المؤلمة أن الطالب الذي يغش ليس فقط يسرق مجهود غيره، بل يضع نفسه على أول طريق الفشل الأخلاقي والمهني. فكم من طبيب تخرج من كلية القمة ولم يتمكن من تشخيص مرض بسيط؟ وكم من مهندس أخطأ في تقديراته الفنية لأن دراسته كانت قائمة على الغش لا على الفهم الحقيقي؟

‎وفي المقابل، هناك طلاب لم يحصلوا على “مجموع كبير”، لكنهم كانوا أكثر التزامًا وضميرًا، واستطاعوا أن يحققوا نجاحًا حقيقيًا في مجالات متعددة، لأنهم اعتمدوا على مهاراتهم ومجهودهم وليس على خداع الآخرين.

‎الغش، وخاصة في الثانوية العامة، لا يؤثر فقط على الفرد، بل يخلق فجوة في الثقة بين المجتمع ومؤسساته التعليمية. فكيف نثق في خريج نعلم أنه لم يصل إلى ما وصل إليه عن استحقاق؟ وكيف نطلب منه لاحقًا أن يتحلى بالضمير وهو لم يبدأ حياته التعليمية بأمانة؟

‎إننا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما:
‎إما أن نقف جميعًا، مجتمعًا وأسرًا ومدارس، في وجه ظاهرة الغش بكل وضوح وحزم،
‎وإما أن نستسلم لصوت الغشاشين، ونبني مستقبلنا على أساس هش من الكذب والادعاء.

‎فلا نهضة دون تعليم حقيقي،
‎ولا تعليم حقيقي دون عدالة،
‎ولا عدالة في ظل الغش.

‎خاتمة:
‎ليكن واضحًا للجميع: مجموع الثانوية ليس هو ما يصنع النجاح في الحياة، بل الضمير والاجتهاد والصدق مع النفس. فكم من صاحب “مجموع كبير” فشل في الواقع، وكم من مجتهد حقيقي بنى لنفسه مستقبلًا عظيمًا رغم العقبات

مقالات الرأي

آخر الأخبار