السبت، 6 ديسمبر 2025 09:33 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب النائب المستشار/ حسين أبو العطا

مقالات الرأي

عبير نعيم تكتب: فطرة الحياة داخلنا

بوابة المصريين

في مايو 2019، ذهبت أماندا إيلر، (35 عامًا)، وهي مُدربة يوغا، في نزهة قصيرة في غابة موكاواو الكثيفة في ماوي، هاواي.
خططت للتأمل بين الأشجار لبضع دقائق فقط ثم العودة إلى السيارة. تركت هاتفها ومحفظتها في الداخل - مسار مألوف، والوقت محدود. ولكن في ثانية واحدة، تغير كل شيء.
بعد التأمل، واصلت المشي... وانحرفت عن الطريق الرئيسي بشكل غير محسوس. بدت الأشجار متطابقة، والمسارات متشابكة، والظلال تزداد عمقًا. حاولت أماندا العودة، لكنها لم تجد أي معالم مألوفة. وجدت نفسها في قلب غابة شاسعة قاسية.
ما بدأ كيوم هادئ تحول تدريجيًا إلى صراع من أجل الحياة.
لم يكن لديها طعام، ولا ماء، ولا هاتف. لم يكن لديها سوى قدرتها على التحمل - وروحها التي مرت باختبار قاسٍ. سارت حافية القدمين، وخلال إحدى السقطات، أصيبت ساقها بجروح بالغة، مما جعل كل خطوة صعبة. كانت تأكل التوت والنباتات البرية، وتشرب ماء الجداول، وتنام بين جذور الأشجار. مع مرور كل يوم، كانت الشمس والرطوبة والجوع تُضعفها أكثر فأكثر. بدأت الجروح والالتهابات تُصيبها...
في ليلة عاصفة، هطلت فجأة سيل من الماء أسقطها أرضًا وحملها بعيدًا، منهكًا ما تبقى لها من قوة. غالبًا ما كانت تضطر للزحف على طول جرف شديد الانحدار بحثًا عن مأوى. أمضت ليلة واحدة في وكر خنزير بري لتدفئ نفسها.
سمعت صوت طائرات هليكوبتر تحلق فوق الغابة. صرخت ولوّحت بذراعيها... لكن الغابة كانت كثيفة للغاية - فقد أخفتها تمامًا عن الطيارين.
في هذه الأثناء، شارك رجال الإنقاذ والمتطوعون والطيارون والباحثون في أكبر عملية إنقاذ في تاريخ ماوي. يومًا بعد يوم، كان الأمل يتلاشى، لكن إحدى صديقاتها رفضت الاستسلام. استأجرت طيارًا خاصًا لمسح منطقة لا يمكن للفرق الرسمية الوصول إليها.
وفي اليوم السابع عشر... اليوم الذي كادت أن يكون الأخير لها.. حلّقت الطائرة فوق وادٍ ضيق قرب شلالٍ خفي، وهناك رأوا أماندا: منهكة، نحيفة، محروقة من الشمس، لكنها تلوّح بذراعيها بجنون.
عندما وصل إليها المنقذون، اكتشفوا أنها عانت من إصابات متعددة وفقدت الكثير من وزنها، لكن شوقًا لا يلين للحياة كان يحرق عينيها...
بعد الإنقاذ، قالت: "كنت أتضور جوعًا وأشعر بالخوف، لكن في داخلي حقيقة صغيرة وجلية: لا تيأسي."
قال إيلر الأب: "أنا ممتن للغاية لعودة ابنتي إلى المنزل". لم أفقد الأمل ولو للحظة. ورغم أنني كنتُ أحيانًا، كما تعلمون، أمرّ بلحظات يأس، إلا أنني تماسكتُ من أجلها لأنني كنتُ على يقين من أننا سنجدها.
صدمت قصتها العالم - مغامرة نجاة مذهلة تركت دهشة وتساؤلًا: كيف نجت كل هذا الوقت؟ وكيف بقيت خفيةً رغم البحث المكثف؟ ورغم كل هذا الجدل، تبقى حقيقة واحدة:
الإرادة البشرية، عندما تتمسك بالحياة وتتوكل على الله، قادرة على السير عبر الغابات والظلام والجوع والخوف... وتحقيق ما يبدو مستحيلًا.
وهناك درس آخر من هذه القصة، اصرار صديقتها من أجل العثور عليها، كما أن نخوة الناس والمتطوعين يجعلنا نؤمن بالخير الموجود في العالم، وأن فكرة مساعدة شخص واحد على النجاة وبذل كلّ شيء من أجل إنقاذه، تعتبر فكرة أخلاقية غاية في النبل

مقالات الرأي

آخر الأخبار