الإثنين، 29 ديسمبر 2025 02:05 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب النائب المستشار/ حسين أبو العطا

مقالات الرأي

هشام بيومي يكتب: الحياة والموت

بوابة المصريين

في آخر الليل، حين تغفو الأصوات، ويهدأ ضجيج المدن، يبقى الإنسان وحيدًا أمام مرآة داخله، يتساءل:
لماذا نعيش؟ ولماذا نموت؟
ليس لأنه يبحث عن إجابة، بل لأن السؤال نفسه هو ما يُبقي القلب حيًا.

نولد دون إذن، ونسير فوق أرض لا تشرح قوانينها، ثم نصطدم بالموت، هذا الضيف الذي لا يطرق الباب.
ومع ذلك، نعيش وكأننا خالدون، نؤجل أحلامنا، ونخبئ حقيقتنا، ونرتدي الأقنعة التي تُرضي الآخرين.

لكن الموت—كما قال هايدغر—ليس النهاية فقط، بل أقرب مستشار لنا.
إنه المعلم الذي يهمس في آذاننا:
“كل ما تملكه سيزول… فماذا ستفعل بما تبقى من الوقت؟”

نيتشه كان سيضحك ساخرًا من السؤال، ثم يقول:
“اخلق معنى للحياة، قبل أن يخلق لك الموت معنى آخر.”
هو لا يريد حياة خائفة، بل حياة تنهض من بين شقوق المأساة.
حياة يقول عنها الإنسان:
"هكذا أردت أن أعيش… ولو أعيد الزمن ألف مرة، لاخترت الطريق ذاته".

أما كامو، فكان سيقف على حافة صخرة سيزيف، ينظر إلى تحت، ثم يرفع حجره مرة أخرى، ويقول:
“العبث ليس دعوة لليأس… بل دعوة للتمرد.”
فالإنسان، مهما عرف أنه سيموت، يملك القدرة على أن يقول:
أنا هنا… ولن يقرر الموت شكل حياتي.

إن الحياة، في جوهرها، ليست بحثًا عن السعادة، بل عن الوعي.
وعي بأن كل يوم قد يكون الأخير، وكل وداع قد يكون النهائي، وكل كلمة غير قيلت قد تُصبح حسرة.
وهنا فقط يصبح الموت ليس خصمًا، بل مرآة نقف أمامها لنرى هشاشتنا، قوتنا، وارتباكنا الجميل.

نحن لا نخاف الموت حقًا، نحن نخاف أن نموت دون أن نعيش.
أن تمرّ الحياة من بين أصابعنا مثل ماء بارد لا نلمسه.
أن نصل إلى النهاية ونكتشف أننا لم نبدأ بعد.

فلتعش إذن كما لو أن كل خطوة هي بداية، وكل لحظة هي قصيدة، وكل فجر هو فرصة أخيرة.
ولتتذكر أن الموت ليس نهاية الضوء، بل انطفاء المصباح لأن الفجر قد اقترب.

مقالات الرأي

آخر الأخبار