السبت، 27 أبريل 2024 04:09 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

مصطفى أبو عطا يكتب.. من أيقظ فتنة السودان؟

بوابة المصريين

حميدتي وإثيوبيا وفاجنر، أم البرهان والجيش الوطني؟

ارتفعت بعض الأصوات التي تتساءل عمن أيقظ فتنة المواجهة بين الجيش الوطني السوداني وميليشيات الدعم السريع، وكذا عن مدى تورط إثيوبيا فيها.. فيما يتعلق بالتساؤل الأول فأمره محسوم بالفعل، فمحاولة الانقلاب التي قادها حميدتي، أعد لها منذ زيارته لإثيوبيا في يناير الماضي، حيث استأجر منازل آمنة في مناطق متفرقة من العاصمة، لاستخدامها كمقار سرية للقيادات، وإخفاء المؤن والذخائر، قبل ان يدفع بعشرات الآلاف من قواته الى العاصمة وضواحيها، بالإضافة الى رجاله الذين تمركزوا في كمائن مصطنعة بالقرب من الأهداف التي سيتم محاصرتها، ليفاجئ الجيش بالسيطرة على معظم الأهداف الاستراتيجية.. وللأسف فقد كان حميدتي في الليلة السابقة للانقلاب يتناول العشاء مع البرهان في منزل أحد أعضاء المجلس السيادي.. هذه الخيانة نزعت الثقة بين الرجلين، وجعلت اللجوء للمفاوضات والحلول الوسط دربا من المستحيل، وأنهت تماما كل التوقعات الخاصة بإمكانية توقيع الاتفاق الخاص بنقل السلطة للقوى المدنية، بسبب حالة الاضطراب الداخلي وانعدام الأمن التي ستترتب على عمليات التمشيط للقضاء على تواجد عناصر الميليشيات، المنتشرين في كل ولايات السودان.

أما عن مدي حياد إثيوبيا وميليشيات فاجنر تجاه طرفي المواجهة، فإن الحقيقة ان مليشيات الدعم السريع ترتبط باتفاقات موقعة مع الحكومة الإثيوبية ومع شركة «الخطوط الجوية الإثيوبية»، لاستقبال شحنات الأسلحة والذخائر التي تصل الى مطار أديس أبابا من روسيا، قبل ان يتم تهريبها للسودان عبر مطار الخرطوم، الا انه منذ بدء تحقيقات النيابة العامة السودانية في قضية ضبط شحنة أسلحة روسية بمطار الخرطوم في سبتمبر عام 2021، التي كانت تضم 72 طرداً تحتوي على نظارات رؤية ليلية، ومناظير إلكترونية، وطائرات درونز للمراقبة والتجسس، أصبحت الأسلحة تصل الى أديس أبابا ثم يتم نقلها برا عبر الحدود.

أما عن علاقة حميدتي الشخصية بأثيوبيا فهي وثيقة، الى حد اتخاذه مدينة «بحر دار» عاصمة إقليم أمهرة مقرا لأعمال شركاته في إثيوبيا، وقد شيد مصنعا للألبان في الإقليم، بمواصفات عالمية استورد معداته من إيطاليا لينافس مجموعة «دال» الغذائية في السودان، كما حصل على الموافقات الخاصة بتعدين الذهب في إقليمي أمهرة وبني شنقول «حيث يقع سد النهضة»، بخلاف العديد من المشاريع الاستثمارية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، فضلا عن عقد اتفاقيات لافتتاح فروع جديدة لبنك حميدتي «بنك الإنتاج» في إثيوبيا.. ومن المعروف ان احتلال منطقة الفشقة السودانية لمدة عشرون عاما كان قد تم بمعرفة ميليشيات الأمهرة، مما يفسر معارضة حميدتي لعمليات الجيش السوداني الخاصة بتحرير المنطقة، ورفضه أي نوع من المشاركة فيها.

الشعب السوداني لابد ان ينتبه الى ما تضمره له إثيوبيا من تهديد لمستقبل الدولة وأمنها القومي ووحدة أراضيها، فالأجندة الإثيوبية التي كان يتم طرحها في كل لقاءات حميدتي مع آبي أحمد وحاكم إقليم أمهرة منذ يناير 2022 كانت تعكس أولويات الدولة الإثيوبية، وفى مقدمتها: مستقبل بقاء البرهان في السلطة بالسودان وتأثير ذلك على عمق علاقات التعاون مع مصر.. أهمية دعم جهود تشكيل حكومة مدنية في السودان وإخراجها الى حيز التنفيذ.. تعهد إثيوبيا بتقديم المساعدة اللازمة لقوات الدعم السريع لإزاحة الجيش من المشهد السياسي بالبلاد.. ويعنى ذلك ان ما حدث من صدام بين حميدتي والبرهان قد تم بتحريض صريح من إثيوبيا، وان تطوره يظل رهنا بحجم الدعم الإثيوبي الذي سيتم تقديمه لحميدتى تمكينا له من الاستئثار بالسلطة، وضمان تحقيق أهداف إثيوبيا في تعاملها مع السودان.

وأخيرًا فقد نقلت مصادر الأنباء سيلا من الأخبار حول تصدى الجيش السوداني لهجوم إثيوبي على إقليم الفشقة، الذي حررته السودان خلال انشغال أديس أبابا بحرب تيجراى.. والحقيقة ان الحكومة الفيدرالية كانت قد قررت دمج قوات الأقاليم الخاصة «ليو بوليس» وميليشياتها في الهيكل التنظيمي للشرطة الفيدرالية.. جزء منهم التزم، وقبل الاندماج شريطة عدم محاكمته، وجزءً آخر من مليشيات «فانو» رفض الاندماج واعترض على تسليم سلاحه، وخاض اشتباكات محدودة مع الجيش، ثم تراجع إلى الحدود السودانية، فوقعوا بين نيران الجيش السوداني والقوات الفيدرالية التي تتعقبه، مما ساعدها في احكام السيطرة عليهم وسحبهم.. والواقع ان آبى أحمد لا يمكن ان يغامر بمثل هذا الهجوم - في هذا الوقت- برصيده السياسي لدى القوى المدنية السودانية، وميليشيات الدعم السريع، مما يقطع بعدم صحة القراءات التي تناولت هذه الواقعة.

رغم تدهور الموقف الأمني بالسودان على نحو غير مسبوق، الا ان ما نراه حاليا مجرد قمة جبل النار، التي نشفق على أهلنا في السودان من لهيبها.

مصطفى أبو عطا من أيقظ فتنة السودان السودان

مقالات الرأي

آخر الأخبار