الثلاثاء، 30 أبريل 2024 07:20 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. علا المفتي تكتب: ”رحلة (إكسX ) ، (وايY ) ، (زد Z) ومحطة (ألفاA )”

د. علا المفتي
د. علا المفتي

هيا الآن لنبدأ رحلتنا الأولى، ولنركب ألة الزمن ثم ندير أجهزتها، كي تعود بنا للوراء خمسون أو ستون عاما مثلا. لنجد أن بعضنا قد ولد بالفعل، والبعض الآخر لا يزال في عالم الغيب. سنرى معا أطفال هذا الزمن ممن ولدوا عقب الطفرة السكانية، وترعرعوا في فترة الصحوة الاجتماعية، هؤلاء من أطلق عليهم راشدو هذا العصر، أنهم "جيل التليفزيون". هذا الجيل المتمرد "سابق سنه" الذي يرى العالم من منظور مختلف، فهو يشاهد أفلام الفيديو ويلعب بالأتاري والجيم ووتش وألعاب الفيديو الأخرى، ويستمع لشرائط الكاسيت ويمشي حاملا الووكمان، جيل شهد ميلاد ثورة التكنولوجيا، فأصبح ثائرا على تفكير وعادات آبائه.
والآن أصعدوا معي حالا، لألة الزمن لنبدأ رحلتنا الثانية، ولندير أجهزة الألة لتمضي بنا إلى الأمام قليلا بمقدار عشرون أو ثلاثون عاما أخرى. هيا تفضلوا معي، كي نخرج لنرى سويا "جيل التليفزيون" قد أصبحوا شبابا، منهم من تزوج وأنجب أطفالا من ذلك الجيل، الذي ولد على مشارف الألفية الجديدة، والذي سيشهد تطورا ثقافيا مختلفا، وسيعيش ولادة العولمة كما نعرفها الآن، ذلك الجيل الذي يواجه عصرا جديدا متغيرا، محاولا أن يجد الاستقرار في ظل ظهور وظائف جديدة، وحياة أكثر تعقيدا وأكثر تكنولوجيا. حيث الظهور والانتشار التدريجي للجني المسحور المسمى بالإنترنت، وذلك العفريت الجديد المسمى بالهاتف النقال.
ولنركب ألة الزمن مجددا لنصل إلى ذلك الجيل، الذي أصبح أكثر اعتمادا على الأجهزة التكنولوجية، والتي أصبحت أكثر ذكاءا وتطورا، لنجد العالم أصبح أكثر تعقيدا وشراسة وضراوة لانتشار الحروب، وزيادة التطلعات للحياة السهلة والثروة، وظهور التحدي الضاري للمادة في مقابل المعنى.
وبعد هذه الجولات السريعة، هيا سنتقدم بألة الزمن أكثر للأمام، لنعود أدراجنا إلى حيث بدأنا الرحلة، إلى الحاضر بكل ما به من تغيرات متسارعة، لنلقي نظرة على أطفال ومراهقي اليوم، والذين ولدوا في فضاء الأنترنت، واتخذوا الأجهزة الذكية أخلاء لهم من دون البشر. هؤلاء من الجيل الذي ولد بالكامل في الألفية الثالثة، وتربى في حضن العولمة الشابة، وعاش العالم الافتراضي بكل أبعاده فأصبح جيل رقمي بامتياز.
الأن وها هنا حيث نقف جميعا في نهاية رحلتنا، التي بدأت بجيل (إكس X) من مواليد 1965 ثم أنضم لها جيلي (واي Y و زدZ ) من مواليد 1981و 1995 إلى أن وصلت بنا إلى محطة جيل (ألفاA ) من مواليد 2010 وحتى 2025 نجد أنفسنا في حيرة واضحة وتخبط، حيث نتعامل مع جيل مختلف تمام الاختلاف عنا في كل شيء، جيل أمهر منا في التعامل الرقمي الذي طغى على كل نواحي حياتنا. وحقا ما جعل الأمر أثر صعوبة وبالغ التحدي، هو أننا مخولين بتربية وتعليم هذا الجيل الرقمي، لذا وجب علينا أن نكتشفه ونعرفه حق المعرفة، كي نقدم له ما يحتاجه من تربية وتعليم، يتماشى مع عصره ومع طبيعته المختلفة جدا عنا. وذلك يدعونا إلى إيجاد نظريات تربوية وتعليمية جديدة، وطرق لتطبيقاها تكون حديث ومبتكرة، أوعلى أقل تقدير، تطوير ما هو كائن وموجود حاليا، كي يتناسب مع هذا الجيل الذي يمتلك مهارات تكنولوجية رقمية متقدمة، ذلك الجيل المنفتح على الثقافات واللغات الآخرى منذ نعومة أظفاره، فهو أكثر وعيا بالتحديات التي تواجه العالم اليوم، كما أنه يمتلك أفكارا إبداعية، ويتطلع لأعمال ووظائف لم تكن موجودة من قبل. وعلى الرغم مما يتمتع به هذه الجيل من الإمكانيات التكنولوجية الهائلة، التي يسرت له كثير من أمور الحياة، إلا أنه يواجه تحديات ومخاطر عظيمة لم تقابلها الأجيال السابقة، مثل ظهور الذكاء الاصطناعي الذي بدأ في التأثير على سوق العمل وجعل الفرد في تنافس مع الألة للحصول على عمل أو وظيفة، ومن ثم محاولة ابتكار وظائف وظهور مهن جديدة، مما يتطلب من أبناء هذا الجيل اكتساب مهارات فائقة في مجالات مختلفة. كذلك فهذا الجيل سيعيش في ظل تنامي مشكلات المناخ ونقص الموارد وتلوث البيئة، وعليه أن يجد حلولا جذرية لها. وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي فإن هذا الجيل مهدد بالشعور بالوحدة والطموح المبالغ فيه، وحب الشهرة والظهور والرغبة في الثراء السريع وغيرها من مخاطر.
نحن فعلا أمام معضلة تربوية خطيرة، فعلى جيل الأباء والمربون أن ينتبهوا لها، فمكان يصلح بالأمس لم يعد نافعا اليوم، فعلينا أن نعمل بالحكمة القائلة: "لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم."
د.علا المفتي
مدرس أدب وثقافة الطفل
بكلية البنات جامعة عين شمس

د. علا المفتي رحلة (إكسX ) (وايY ) (زد Z) ومحطة (ألفاA )”

مقالات الرأي

آخر الأخبار