السبت، 27 يوليو 2024 08:51 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. اميرة محمد تكتب: المنبه الصامت

د. اميرة محمد
د. اميرة محمد

لما كانت حياة الانسان في حراك وتطور مستمر، من ثم بدأ الوقت يمر بسرعة، وكثيرا ما كان ينسى الكثير من الأشخاص القيام ببعض الأمور في اوقاتها المحددة، الأمر الذي سبب الكثير من المشاكل للكثيرين، خاصة وأن هناك بعد الأمور التي لابد أن تنفذ في اوقاتها المحددة وإلا ربما كان لها نتائج وخيمة، ولا ابالغ لو قلت أنها ربما قد تودي بحياة الاشخاص؛ من ثم باتت الحاجه ماسة وملحة لاختراع أداة تعين على التذكير بالأوقات المراد التنبيه بقدومها، من ثم قام الفرنسي أنطوان ريدييه Antoine Redier باختراع المنبه عام 1859م، تلك الأداة التي كانت طفرة علمية تضاف لقائمة ما يخدم التراث الانساني.
لكن في رأيي أن المنبه وجد بالفعل من قبل ذلك بكثير، وجد منذ بدء الخليقة، فالمنبه الذي اقصده هنا هو منبه من نوع اخر، منبه ليس به عقارب تتحرك وفاقدا للصوت العالي الرنان المتكرر الذي اعتدنا على سماعه في مختلف المنبهات، منبه ليس بالمادي الذي يسهل شرائه واستخدامه، منبه قد يعيش المرء عمرا مديدا دون أن يسمع دقاته الصاخبة الرنانة الصامتة إلا مرة أو اثنتين، أو ربما لم يسمعها ابدا.
إن هذا المنبه هو الذي ربما ييقظك من ثبات نوم عميق، نوم ليس لراحة البدن بل نوم يضعف وينهي الانسان على المدى البعيد فقد يظل الانسان مغيبا عن الحياة لا دور له فيها اشبه بالنائم، الذي يطيل نومه وتغيب حياته إلى أن يوقظه منبه صامت لا صوت له، لكن هذا المنبه هو أعظم ما قد يمر به شخص ما في حياته القصيرة وإن طالت؛ ذلك لأن هذا المنبه هو الذي يدق لك في وقت ربما تكون قد اغوتك فيه الحياة وجعلت منك شخص يوجد له مليون شبيه أو أكثر، قد ضموا جميعا لقطيع النيام، الذي يتزايد ربما في كل دقيقة، والذي اعتاد وألفو حكم الرعاة الجائرين.
فالاستسلام للصعاب دون أي محاولة لإيجاد حلول هو نوم، وقبول المرء بأن يكون على هامش الحياة هو نوم، والتقليد الأعمى دون انتقاء لا شك أنه نوم، والسكوت في وقت قول الحق نوم.
لكن لابد من التسليم بأن ذلك النوم له مسبباته وبحاجه للعلاج.
وفيما يتعلق بمسببات هذا النوع من النوم فهي كثيرة، ولعل أبرزها والذي اثرت الحديث عنه هو: التواكل
فالتواكل هو مقابل التوكل، فالتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب هو أحد التعاليم الحميدة التي دعانا إليه ديننا الحنيف، أما التواكل هو دعوة لعدم الأخذ بالأسباب، تلك التي قد تجعل المرء سلبي لا يريد القيام بأقل مجهود لخدمة حياته وحياة الاخرين.
وبما أننا ذكرنا السبب، فكان حتما ولزوما علينا أن نتحدث عن العلاج، والذي لا سبيل له سوى بضبط المنبه الحقيقي الداخلي، المتواجد دون شك داخل كل إنسان، لكن ربما قد يكون بحاجه لتحفيز ودقة في الضبط كي يدق بأعلى صوت موقظا حامله ، ومذكرا إياه بأنه اعظم مخلوق، ولا يجب أن يركن لنفسه أو لنفوس الاخرين ممن قد أوقفوا منبهاتهم للابد، قانعين بما وضعوه من قائمة اعذار قد فاقت العجب.
فمن الواجب علينا تربية ذوينا تربية جيدة مع بذل اقصى جهد على ضبط منبهاتهم وعمل صيانة دورية لها باستمرار؛ لضمان الاستيقاظ في الوقت المحدد دوما، ولو أصبحت الحياة عبارة عن مكان للنوم فقط، فما أصعب من نوم في وقت باتت فيه الحاجة ليقظة مطلب عزيز وغالي.
فاللهم يقظة واستيقاظ من بعد ثبات نوم عميق فاق نوم أهل الكهف.

د. اميرة محمد المنبه الصامت

مقالات الرأي

آخر الأخبار