السبت، 10 مايو 2025 01:23 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هدى صالح تكتب .. حين ينضج القلب ويدرك الحقيقة !

بوابة المصريين

تمرّ بنا سنوات العمر محمّلة بالذكريات، بالأحلام، وبأطياف وجوه سكنت قلوبنا يومًا ثم رحلت. ومن بين هذه الذكريات، يظل حبّ الماضي حاضرًا، يطرق أبواب الذاكرة بين الحين والآخر، كأنّه يريد أن يثبت أنه لم يمت، أنّ له مكانًا لا يمكن إزاحته. نتذكر الحوارات، المواقف، الضحكات، وحتى لحظات الحزن… فنتساءل أحيانًا: هل كان هذا الحب هو الحقيقة؟ أم كان مجرد وهم جميل صنعه العقل الباطن ليملأ فراغًا ما؟

ومع مرور السنين، ومع النضج الذي تفرضه التجارب، نبدأ في فك شيفرة مشاعرنا القديمة. نكتشف، ربما بدهشة، أن ما ظننّاه حبًا خالصًا كان في جوهره احتياجًا للسكينة، للسند، للأمان. لم يكن الشخص ذاته هو المحور، بل كان هو الظل الذي احتمينا به من قسوة الحياة، هو الملجأ الذي لجأنا إليه ونحن نبحث عن الطمأنينة. اعتقدنا يومًا أن هذا الأمان لا يمكن أن نجده إلا معه، وأنه الوحيد القادر على أن يملأ الفراغ العاطفي والروحي فينا.

لكن الحياة، كما هي عادتها، تعلّمنا الصبر وتكشف لنا الحقائق . نعيش ونلتقي، نُجرِّب ونفهم، حتى نرى أن ما كنا نظنّه استثناءً هو في الواقع مجرد وهم، صاغته حاجتنا أكثر مما صاغته الحقيقة. ومع مرور الزمن، نجد الأمان الذي كنا نظنه مفقودًا، وبسلاسة أكثر مما توقّعنا… في مكان آخر، مع أشخاص آخرين، أو ربما في أنفسنا عندما نضجنا وكبرنا.

وهنا تأتي اللحظة الحاسمة. اللحظة التي نقرر فيها أن نترك تلك الأوهام خلفنا، أن نحرر قلوبنا من أسر صورة مضخّمة لم تكن سوى انعكاس لاحتياج قديم. نُسلِّم بأن الواقع أجمل… لأنه حقيقي، ملموس، صادق لا يتكئ على الحنين أو الخيال.

فدع الماضي يمضي كما شاء. لا تنظر إليه إلا كدرس لطيف علّمك ما تريد حقًا. وكن واقعيًا، لأن ما يقدّمه الواقع أحيانًا أجمل بكثير مما رسمته أوهام القلب. في بساطة اللحظة الحاضرة، في صدق من حولك الآن، ستجد سعادة أكثر رسوخًا من تلك التي ركضت خلفها في الذاكرة.

الحب الحقيقي ليس وهمًا ماضيًا… بل هو الذي يمنحك الأمان الآن، دون حاجة لتجميل أو تزييف.

مقالات الرأي

آخر الأخبار