الإثنين، 4 أغسطس 2025 05:40 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هشام بيومي يكتب: البطل الذي لا يعرف المستحيل

بوابة المصريين

في حياة كل أمة، تظهر نماذج بشرية تتحول إلى أساطير حية، لا لأنهم عاشوا حياة عادية، بل لأنهم تجاوزوا حدود المستحيل، وواجهوا الموت بصدور مفتوحة، ليكتبوا التاريخ لا بالحبر… بل بالدم. ومن هؤلاء اللواء البطل معتز الشرقاوي، أحد أبطال العبور الذين خلدهم التاريخ بحروف من نور.

ولد معتز الشرقاوي ليكون قائدًا بالفطرة، وتخرّج في الكلية الحربية عام 1967، في لحظة عصيبة من تاريخ الوطن، حين كانت البلاد تلعق جراح نكسة يونيو. لكن الأبطال الحقيقيين لا يستسلمون، بل يشمرون عن سواعدهم ويعيدون بناء العزيمة من تحت الركام، وهكذا كان معتز الشرقاوي.

لم ينتظر الشرقاوي نصر أكتوبر ليظهر شجاعته؛ بل كان من أوائل الضباط الذين خاضوا غمار حرب الاستنزاف بشجاعة نادرة.

ومن أبرز العمليات التي شارك فيها، كانت عملية الهجوم على نقطة إسرائيلية متقدمة شرق القناة في أواخر عام 1969. قاد معتز الشرقاوي سرية مشاة في عملية تسلل ليلية معقدة، حيث اجتاز الجنود قناة السويس في ظلام دامس مستخدمين قوارب مطاطية، تحت نيران العدو، وقاموا بنسف مخزن ذخيرة إسرائيلي بالكامل، وأسفر الهجوم عن تدمير الموقع وإرباك وحدات العدو في تلك المنطقة.

عاد الشرقاوي ورجاله جميعًا سالمين، وهي العملية التي أشادت بها القيادة العسكرية المصرية في حينها، واعتبرتها درسًا قاسيًا لقوات الاحتلال، ورسالة أن الجيش المصري عاد ليتحرك ويضرب في العمق.

وقد قال عنه أحد زملائه:

> "في كل عملية، كان معتز يدخل وكأنه في مهمة شخصية مع الشهادة… لكنه دائمًا يعود ومعه النصر."

في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، كُلِّف النقيب معتز الشرقاوي، ابن الـ27 عامًا حينها، بمهمة شبه مستحيلة: اقتحام أحد أكبر وأقوى حصون العدو الإسرائيلي في خط بارليف، والمعروف باسم "نقطة الدفرسوار" أو حصن بودابست. كان ذلك الحصن محصنًا لدرجة أن العدو كان يظنه غير قابل للسقوط.

لكن الشرقاوي لم يرَ سوى المهمة… رأى علم بلاده يجب أن يرفرف فوق الحصن. وبالفعل، اقتحم الحصن مع مجموعته، ودارت ملحمة من أعظم ملاحم القتال الفردي والجماعي في تاريخ الجيوش. وحدثت المعجزة… سقط الحصن بعد 7 ساعات من القتال العنيف، وأُسِر من فيه.

وأحد أبرز المواقف البطولية التي لا تُنسى، حين واجه معتز الشرقاوي دبابة إسرائيلية بمفرده، وأطلق عليها قذيفة مباشرة، فدمرها، ثم التفت ليرى جنوده يشاهدون بدهشة، فنظر إليهم وقال بهدوء:

> "هيّا… لم نأتِ هنا لنتفرج."

حب الوطن يُقاس بالأفعال لا الشعارات: قاتل معتز الشرقاوي في الاستنزاف والعبور، واعتبر أن الواجب هو الحياة نفسها.
لم ينتظر أن يأتيه النصر، بل صنعه بنفسه، مهمةً بعد مهمة، ومعركة بعد معركة.

إن كنت تبحث عن قدوة، فانظر إلى معتز الشرقاوي. لم يكن خارقًا، بل كان إنسانًا مثلك، لكنه اختار أن يكون مختلفًا. اختار أن يحفر اسمه في ذاكرة الوطن لا بالتفاخر، بل بالتضحية.

قد لا تحمل سلاحًا كما فعل، لكن يمكنك أن تقاوم الجهل، وتحارب الفساد، وتواجه التحديات، وتنتصر على اليأس، وتصنع مستقبلك بعرقك واجتهادك. كن معتز الشرقاوي في مجالك… في علمك، في عملك، في مشروعك، في أخلاقك.

التاريخ لا يخلّد الكسالى… بل الشجعان.
فهل ستكون أنت البطل القادم؟

مقالات الرأي

آخر الأخبار