الخميس، 23 أكتوبر 2025 01:48 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هدى صالح تكتب .. ابتسامة غيرت قلبي

بوابة المصريين

ثمة لحظات صغيرة تمرّ بنا خفيفة كنسمةٍ في ظهيرةٍ خانقة، لا نلتفت إليها كثيرًا، لكنها تترك في القلب أثرًا لا يُمحى. كانت تلك اللحظة مجرد ابتسامة — عابرة كضوء الصباح حين يتسلل من خلف الغيوم — لكنها استطاعت أن تغيّر شيئًا في داخلي، شيئًا ظل ساكنًا طويلاً، كأنه كان ينتظر إشارة الحياة ليعود إلى النبض من جديد.

كنت أمضي في يومٍ رماديّ، يثقلني صمت المدينة وازدحام الأفكار التي لا تنتهي. وجوه كثيرة مرّت بي، كلّها متعبة، كأنها نسخٌ من التعب ذاته. وفجأة، من بين كل تلك الوجوه، ظهرت تلك الابتسامة — صافية، صادقة، لا تطلب شيئًا، ولا تقول شيئًا — لكنها قالت كل شيء.

توقفت لحظةً، كأن العالم من حولي تجمّد، وبقيت أنا وتلك الابتسامة فقط. شعرت أن دفئها اخترق برودة قلبي، وأن في بساطتها دعوة خفية لأتذكّر نفسي التي نسيتها في زحمة الأيام. تساءلت: كيف يمكن لشيءٍ بهذه البساطة أن يهزّنا إلى هذا الحد؟ ثم أدركت أن الفرح الحقيقي لا يحتاج إلى أسبابٍ كبيرة، بل إلى قلبٍ مستعدّ لأن يرى الجمال حين يمرّ أمامه ولو للحظة.

الفرح، في جوهره، ليس حدثًا خارجيًا، بل حالةٌ داخلية. إنه وعيٌ نقيّ يجعلنا نلتقط التفاصيل الصغيرة، ونمنحها حقها من التأمل. فالابتسامة، مهما بدت عابرة، قد تكون جسراً يصل بين قلبين، أو ضوءًا يبدّد عتمة أعوامٍ كاملة.

منذ ذلك اليوم، تعلمت أن أبطئ خطاي، أن أبحث عن الحياة في العيون التي تضحك بصدق، أن أترك مساحة للفرح يدخل منها إلى روحي دون إذن. وصرت أبتسم، لا لأخفي وجعي، بل لأمنح الآخرين فرصة أن يجدوا في وجهي ما وجدته أنا ذات يومٍ في وجهٍ عابر — لحظة نورٍ صغيرة، لكنها كفيلة بأن تغيّر اتجاه القلب كله.

مقالات الرأي

آخر الأخبار