السبت، 30 مارس 2024 12:57 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

تهاني عنانى تكتب.. الخوف والرجاء

 تهاني عنانى
تهاني عنانى

قال تعالى(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون:60]
مخافة عدم قبول العمل موضوع يقل طرحه، ويُغفل عن أمره، والمقصود من ذكره اهتمام المسلم بقبول عمله، فيجمع بين الخوف والرجاء، وكان السلف والعباد الصالحون تشتعل أفئدتهم مخافة رد وحبوط أعمالهم،
سألت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا) أهم الذين يشربون الخمر، ويسرقون؟
قال(لا يا ابنة الصديق، ولكنهم هم الذين يصومون، ويصلون، ويتصدقون، وهم يخافون ألا تُقبل منهم،(أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (صحيح الترمذي).
ولنا في رسل وأنبياء الله أسوة حسنة، فهذا إبراهيم -عليه السلام- يرفع أعظم بناء وأجلّ مكان وفناء، وأعظم قربة، وهي كعبة الله المشرفة وهو يقول (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(البقرة:127)،
وفي الدعاء يقول(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) (إبراهيم:40)،
وأخبر سبحانه عن امرأة عمران فقال(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي) (آل عمران:35)، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتضرع كثيرا لقبول أعماله، فلما أراد أن يضحي قال (بسم الله، اللهم تقبل من محمد ومن أمة محمد ثم ضحى) (صحيح مسلم).
وفي الدعاء كان يقول (ربي تقبل توبتي) ولما كان القبول من عند الله، زجر رسول الله لمن سارع إلى القطع بقبول عمله، (فلما تُوفي عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- قالت أمه: شهادتي عليك أبا السائب لقد أكرمك الله)، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم(وما يدريك أن الله أكرمه؟ فوالله وأنا رسول الله ما أدري ما يُفعل بي، ثم قال: وإني لأرجو له الخير) (صحيح البخاري).
وجاء السلف من بعدهم يخافون عدم قبول أعمالهم، فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يقول (إن لله عملًا بالنهار لا يقبله بالليل، وعمل بالليل لا يقبله بالنهار).
وعمر -رضي الله عنه- يقول(وَيْلِ عمر، ووَيْلٌ لأُمِّي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي).
وكان علي -رضي الله عنه- يقول(كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا قول الله تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27].
وأبو ذر -رضي الله عنه- يقول(لأن أستيقن أن الله قد تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها).
فكانوا على يقين في الرجاء بالله لأن مَن منَّ بوجود الأعمال، يَمُنّ بالقبول والإقبال، مع تجاوزه وعفوه عن سيء الأعمال، قال تعالى (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا)(الأحقاف:16)، ولم يقل منهم، فعبر بعن التي تدل على التجاوز والعفو والصفح، والله سبحانه من حكمته أخفى القبول على العباد، لأن من أسباب وعلامات قبول العمل، المداومة والاخلاص قال تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(المائدة:27).
وقال صلى الله عليه وسلم في الكسب الطيب (إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّبًا)(صحيح مسلم).
ادعو الله لى ولكم صالح الاعمال ليشملنا قوله تعالى(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)(فاطر:10).

تهاني عنانى الخوف والرجاء

مقالات الرأي

آخر الأخبار