الأربعاء، 16 يوليو 2025 12:20 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هدى صالح تكتب .. ماذا لو أُعطيتُ فرصة ثانية للحياة؟

بوابة المصريين

تخيّل معي، أن تستيقظ ذات صباح، وتكتشف أن الله قد منحك فرصة جديدة، بداية نظيفة تمامًا… قلبٌ خالٍ من الندم، وصحيفة خالية من الأخطاء. ماذا كنت ستفعل؟ كيف ستختار أن تعيش؟ من كنت ستحتفظ به في حياتك، ومن كنت ستتركه دون تردد؟

الفرصة الثانية ليست مجرد وهم نتحدث عنه في القصص أو نتخيله عندما نشعر بالضعف، بل هي في الحقيقة حلم دفين في قلب كل إنسان. كم منّا تمنّى لو يعود به الزمن فقط لدقيقة، ليقول كلمة لم يقلها، أو ليمتنع عن قرار خاطئ غيّر مجرى حياته.

لو مُنحتُ فرصة أخرى، كنت سأقضي وقتًا أطول مع أمي. لم أكن سأترك الأيام تمر دون أن أخبرها كم أحبها، وكم تعني لي. كنت سأحتفظ بكل ضحكة منها، وكل دعاء كانت تهمس به لي دون أن أنتبه. كثيرًا ما نظن أن الأهل موجودون دائمًا، وأن الحب المفترض لا يحتاج إلى تعبير… لكننا نكتشف متأخرين أن الوقت يسرقهم، ويتركنا مع شعور دائم بالتقصير.

وفي هذه الحياة الثانية، لن أسعى لإرضاء الجميع. لن أُرهق نفسي بمحاولة إثبات قيمتي لمن لا يراني، ولن أُهدر عمري في علاقات تُرهق قلبي أكثر مما تُفرحه. سأختار من يستحق فقط، من يُضيف لروحي معنى، لا من يستنزف طاقتي.

كنت سأُعطي نفسي وقتًا لأعيش، لا فقط لأعمل. كنت سأخرج لمشاهدة الغروب، وألتقط الصور للذكرى، لا للمظاهر. سأكتب مشاعري على الورق، وأُراسل أصدقائي القدامى، وأقول لكل من أحببته يومًا: “شكرًا لأنك كنت هنا، حتى وإن لم تبقَ.”

في هذه الفرصة الثانية، سأُسامح من آذاني، لا من أجلهم، بل من أجلي… لأن حمل الكره عبء ثقيل لا يليق بقلبي الجديد. سأبدأ كل يوم وكأنه أول يوم في عمري، وأعيشه بكامل روحي، لا بنصف حضور.

قد لا نُمنح فعليًا حياةً جديدة، لكننا نملك دومًا القدرة على “أن نبدأ من جديد”. كثيرون فعلوها، منهم من نجا من حادث كاد يودي بحياته، فقرر أن يعيش بعده بطريقة مختلفة تمامًا. ومنهم من خسر إنسانًا غاليًا، فاستيقظ قلبه على الحقيقة: أن العمر قصير، وأننا لا نملك الوقت لنبكي طويلاً أو نعيش بقلوب مغلقة.

الحياة لا تنتظرنا، لكننا نستطيع أن نلحق بها إذا امتلكنا الشجاعة. الشجاعة لنعتذر، لنتغير، لنُحب، لنترك ما يؤذينا، ولنقترب ممن يُشبهوننا في الطيبة والبساطة.

الفرصة الثانية ليست حتمًا بداية جديدة في الحياة، بل قد تكون بداية جديدة في القلب.

فلنمنح أنفسنا هذه الفرصة… قبل أن يفوت الأوان.

مقالات الرأي

آخر الأخبار