هدى صالح تكتب .. العنف ضد المرأة بين الجرح النفسي والانعكاس على الأسرة


لا يقتصر العنف ضد المرأة على الضرب أو الإيذاء الجسدي فحسب، بل يمتد ليشمل صوراً أكثر خفاءً مثل الإهانة، التحقير، التهديد، والضغط النفسي المستمر. هذه الممارسات قد تبدو غير مرئية للآخرين، لكنها تترك ندوباً عميقة في نفس المرأة، وتهدد استقرار الأسرة بأكملها.
الزوجة بين الألم النفسي وفقدان الأمان
المرأة التي تعيش مع زوج يسيء إليها نفسياً تجد نفسها محاصرة بشعور دائم من الخوف والقلق. ومع تكرار الإهانات والتحقير، تفقد ثقتها بنفسها، ويضعف إحساسها بقيمتها كإنسانة وزوجة.
ويؤكد خبراء علم النفس أن العنف النفسي أكثر خطورة من الجسدي، لأنه يقتل ببطء ويؤدي إلى القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، فضلاً عن عزلة المرأة وانسحابها من محيطها الاجتماعي.
انعكاسات خطيرة على الأبناء
الأبناء الذين ينشأون في بيت تسوده الإساءة النفسية للأم هم الضحية الصامتة. فالطفل الذي يشاهد والدته تتعرض للمهانة، يكبر محملاً بمشاعر الخوف وعدم الاستقرار. بعضهم يعبر عن ذلك بسلوك عدواني أو انطوائي، والبعض الآخر يفشل في الدراسة أو يكرر مشاهد العنف في حياته المستقبلية.
والمخيف أن الأولاد قد يتبنون سلوك الأب المسيء، بينما البنات قد يرضخن لفكرة أن الخضوع والإذلال أمر طبيعي في العلاقة الزوجية، مما يهدد باستمرار دائرة العنف عبر الأجيال.
مسؤولية مجتمعية
العنف ضد المرأة ليس شأناً عائلياً خاصاً، بل هو قضية عامة تمس المجتمع. كسر دائرة الصمت يتطلب وعياً مجتمعياً، ودعماً نفسياً وقانونياً للنساء المتضررات. كما أن نشر ثقافة الحوار والاحترام داخل الأسرة يمثل خط الدفاع الأول ضد هذه الظاهرة.
خاتمة
إن الزوجة التي تجد الاحترام والتقدير من زوجها، قادرة على بناء أسرة متماسكة وأبناء أسوياء نفسياً. أما العنف – خاصة النفسي منه – فيبقى خنجراً خفياً يطعن المرأة في صمت، ويهدد حاضر الأسرة ومستقبل المجتمع.