هدى صالح تكتب .. خارج المنافسة والمقارنات. راحة القلب وسرّ التقدّم الحقيقي


في عالم يموج بالسرعة والمقارنات، يغفل الكثيرون عن نعمة عظيمة قد تغيّر حياتهم لو التفتوا إليها: أن تكون خارج المنافسة والمقارنات.
نحن نُربَّى منذ الصغر على أن الحياة سباق، وأن قيمة الإنسان تُقاس بمكانته مقارنة بغيره: من حصل على درجات أعلى، من نال وظيفة أفضل، من تزوج أسرع، من اشترى بيتًا أفخم. ومع مرور الوقت يتحول هذا الضغط الخفي إلى قيد يرهق الروح ويطفئ بهجة الإنجاز.
لكن الحقيقة أن أجمل لحظات الرضا تأتي حين تدرك أن مقياسك الحقيقي ليس الناس من حولك، بل نفسك فقط. أن تقارن بين “أنت اليوم” و”أنت بالأمس”. هل أصبحت أكثر وعيًا؟ هل تعلمت من تجاربك؟ هل اقتربت خطوة من حلمك؟ هل نضج قلبك أكثر وصار أهدأ وأقوى؟
التنافس مع الذات هو أرقى أنواع التنافس، لأنه يحررك من ثِقَل أعين الآخرين، ويجعلك تسعى بصدق لا بضغط. وهو أيضًا الذي يمنحك طمأنينة خفية؛ لأنك تعرف أن ما فاتك لم يكن لك، وما كُتب لك سيأتيك في وقته الذي اختاره الله، لا قبله ولا بعده.
حين تضع نفسك خارج دائرة المقارنات، يتسع قلبك للحياة. تبدأ ترى الخير في الآخرين دون غيرة، وتفرح بإنجازاتهم كما لو كانت لك، لأنك ببساطة لم تعد تراهم منافسين، بل مسافرين في طرق مختلفة.
ثق أن توقيت ربك أدق من كل حساباتك، وأوسع من كل احتمالاتك.
فقط قارن نفسك بما كنت عليه، وسِر بخطوات ثابتة. ستكتشف أن السعادة الحقيقية ليست في أن تسبق أحدًا، بل في أن تكون أفضل نسخة من نفسك، مطمئنًا أن رحلتك مصممة لك وحدك
خطوات عملية لتتحرر من المقارنات:
1. سجّل تقدمك الشخصي: احتفظ بدفتر صغير تكتب فيه إنجازاتك مهما كانت بسيطة، لتتذكر دائمًا أنك تتطور.
2. قلّل من متابعة حياة الآخرين على السوشيال ميديا: لأن ما تراه ليس الحقيقة الكاملة، بل مجرد صور منتقاة.
3. ذكّر نفسك بنِعمك الخاصة: كل يوم اكتب ثلاثة أشياء تشكر الله عليها، ستجد أن حياتك مليئة بما يميزها.
4. ضع أهدافًا واقعية لك وحدك: لا تعتمد على معايير الآخرين، بل على ما يناسب قدراتك وظروفك.
5. ردّد دائمًا: “رحلتي تخصني وحدي، وتوقيت ربي هو الأمثل لي.”