السبت، 27 يوليو 2024 05:02 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

نها النجار تكتب: لقطة ( ٥٦ )

نها النجار
نها النجار

لحظة ارتطامه - هو من اعتاد أن يلعب كل أنواع الرياضات العنيفة ويحمل أثقال مبالغ فيها لإخراج كل طاقاته المكبوتة - بجسدها النحيل الغاية في الرقة وأطرافها التي تنافس الأطفال في وداعتها
تلك الارتطامة غير العادلة أدت لعجز أذنيها الدقيقتان عن العمل كحاجز لأمواج ذلك الحرير المنسدل كليل شديد السواد ليغطي كامل تفاصيل ملامحها .

الإرتطام تم أمام لوحة فنية في معرض للفن التشكيلي جمع الشتيتان فيه .

عجزت صديقتها عن محاولة مساعدتها في النهوض ، جروح سطحية في كف يدها منعتها من الإعتماد علي نفسها .

مشهد نزف الركبتين بعد تمزق الجورب الرقيق الملمس كمرتديته والذي يعلو الحذاء ذو الرقبة الطويلة والكعب المدبب انضم لباقي أسباب عجزها عن الوقوف .

شاب جاء مجبر لحضور معرض ، جلس متابع للموقف من بعيد كاسر بالمشاهدة كم الملل الذي أصابة من حضور معرض للوحات واستماعه لحديث معظمه من مدعي الثقافة والنقد الفني ، كان يحتل الاريكة الوحيدة بقاعة العرض .

وقف لحظات متردد قبل أن يقدم علي حملها من انبطاحها أرضا الذي تسبب فيه ، حملها كطفلة صغيرة .

هى لم تقاوم ، سالت دموعها علي ساعده الذي شمر عنه قميصه بدلا منها ، وصديقتها اكتفت بإزاحة الستارة السوداء الحريرية من علي ملامحها ، ليحدث ارتطام مدوي أخر بين عيونهم .

يا ألله ، هتف داخله وهي تمنت أن تطول المسافة بين موقع الإرتطام الجسدي والأريكة الوحيدة التي قفز من عليها محتلها
أدوات للاسعافات الأولية قد أحضرها محتل الاريكة السابق ، وقبل أن يمد يده لاستخدامها في مساعدة طرف الإرتطام المصاب .

نظرة حارقة من مجبرته علي حضور المعرض أطاحت بآماله أن يظل في المشهد حتي كاكومبارس ، سلم الأدوات لطرف الإرتطام غير المصاب ظاهريا والمصاب داخليا حد الوهن وانصرف .

ليبقي المشهد بين البطلين وكومبارس وحيد هي الصديقة ، بكاء ذو صوت ضعيف ويد وضعت علي الشفاه للسيطرة علي صوت الألم من الطرف المصاب ، ورجفة وارتعاشة من الطرف المصاب داخليا
تمت الإسعافات السريعة للوضع ومع كل تلامس كانت الجروح في وضع أفضل والإرتعاشة أثبتت أنها من الأعراض المعدية .
وهنا أتت أسئلة مباغتة .
ساكنة فين؟
معاكي عربية؟
كانت هزة رأس بالنفي هى الإجابة وتُرجمت من الكومبارس الناطق بالصوت ، ساكنة في المهندسين ، ولا مافيش معانا عربية هنركب تاكسي ، رد هو ، ظابط مهندس ايهاب ، ممكن أكفر عن ذنبي وأوصلكم؟

وللمرة الثانية يعطي الكومبارس الناطق فرصة للمشاركة ، طبعا لو سمحت .
اقترب ليحملها مرة أخري ولكنها رفضت وحاولت أن تقف وفشلت فامتثلت لفعل الحمل مرة أخري وهي تقاوم دقات قلبها وتقاوم شغفها من الإلتصاق به لتنعم برائحة عطره التي أسكرتها .
اسمها رضوي ، تطوعت الكومبارس وأنا دعاء ، إشارة وايماء بالرأس كانت للترحيب .

إخراج مفاتيح عربته ذات الدفع الرباعي كانت مهمة دعاء وهي سعيدة كأنها طفلة في الملاهي ، وارتكازة رأس من رضوي علي صدره أجبرت عليها ظاهريا حين تمايل جانبا لتتمكن دعاء من إخراج المفاتيح .

أدخلها للعربة في المقعد الأمامي الذي غاصت به ، وقفزت دعاء للمقعد الخلفي ، ورغم لياقته البدنية وقوة خطواته إلا أنه كان يطير لا يمشي المسافة بين باب مقعدها وباب مقعده ، أدار المحرك ، تحركوا الي عنوان سكنها ، وهي تنتظر لحظة الوصول لتحظي بآخر رشفة من خمر عطره حين يحملها مجددا ، عند باب المسكن كان قد بدأ يتصبب عرقا ولايعرف رد فعلها حين يقدم علي حملها لبيتها والعديد من الأسئلة انهمرت كسيل من جبل علي عقله .

مع من تعيش ؟
من هي؟
إلي متي تستمر الإتتعاشة ؟
ولأول مرة يسمع صوتها الذي تسبب في ارتعاده ، ممكن تساعدني في الوصول للمصعد ؟
انتشلته من تيهه ، وتبادلت معه دور الصامت ، وأومأ براسه بالموافقة وهو مسلوب اللب ، حملها للمصعد وصعد معها ونسيا صديقتها في الأسفل ، أمام شقتها أخرجت مفاتيحها ، وولجا للشقة ، وضعها مغصوبا علي الأريكة وتناول غطاء كان قد أزيح غطائها به ، وجلس دون دعوة ، شكرته في خجل ، أنا عايشة لوحدي بعد وفاة أبي وأمي؟ كان رد علي الكثير بشكل مختصر
ابتسم وقال لها وأنا كمان وحيد زيك ، رنين وطرق الباب فصلهم عن حلمهم .

صديقتها صعدت ، هم بالخروج ولكن أي خروج ، ومما يخرج؟
استدار لها عند وصوله للباب
تتجوزيني ؟
ابتسمت
وانتهي فعل الإرتطام بزواج وبنت وولد

نها النجار لقطة ( ٥٦ ) 

مقالات الرأي