السبت، 12 أكتوبر 2024 02:51 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

فيفيان سمير تكتب: عناق الفراشة

فيفيان سمير
فيفيان سمير

"عناق الفراشة" أو "عناق حب الذات"، هو أحد أساليب العلاج النفسي المبتكرة من علماء النفس، لتهدئة المرء لذاته أثناء مروره بصدمة أو بمشاعر سلبية أو حتى عند سماعِه أخبارا سيئة، هي وسيلة لإخبار جسدك بشكل مادي أنك ستكون بخير وأنك لست وحدك. يكون "عناق الفراشة" بلف ذراعيك حول جسدك، بحيث تلمس كل يد الذراع أو الكتف المعاكس، ثم تقوم بتحريك يديك مثل أجنحة الفراشة، للضغط على أذرعك وأكتافك بإيقاع منتظم. نشأت هذه الوسيلة أثناء عمل لوسي أرتيجاس في أكابولكو مع الناجين من إعصار بولينا في عام 1997، وأثبتت دراسات علمية مختلفة من قبل، قدرة التلامس الجسدي على زيادة إفراز هرمون الأوكسيتوسين، الذي يعرف باسم هرمون الحب.
وترتبط الفراشات بقوة بالرمزية الروحية لأن هذه الحشرات الرقيقة تعكس الكثير من رحلتنا الروحية الداخلية بطريقة ما، حيث أنها برغم ضعفها والمراحل والتحولات الجذرية الصعبة التي تمر بها، وحدها ودون مساعدة، من كاتربيلر إلى فراشة مكتملة جميلة ومبهجة، يتحلل جسدها الأصلي كيرقة وتتغير جميع أطرافها وأعضاءها وأنسجتها، وهو مجازًا الشيء الذي اختبره الكثير منا ، أو في طور تجربته خلال رحلة حياتنا، فإنك تمر بتغير داخلي جذري مع كل تجربة أو صدمة تعيشها وكل تحدي تجتازه، حتى لو لم تدرك ذلك، إلى أن تكتمل شخصيتك ويمكنك نشر جناحيك القويتين لتحلق بحياتك وقد نضجت روحك، وتعلمت قانون الطبيعة حيث لا شيء يدوم إلى الأبد، حتى الحياة ذاتها يجب أن تنتهي في النهاية لنا جميعًا، وأن هناك وفيات صغيرة تحدث لنا في كل لحظة؛ فاللحظة التي أنت فيها الآن لن تتكرر مرة أخرى، كل شيء يجب أن يمر في نهاية المطاف، بما في ذلك فرحتك وإنجازاتك ونجاحاتك، كذلك حزنك وخسارتك وتحدياتك وإخفاقاتك.
ويؤكد الباحث الأثري الطيب غريب، مدير معابد الكرنك في الأقصر، أن الكثير من الأنماط والأساليب الحياتية مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، تلك الحضارة غزيرة التقدم والذي لا يزال العالم ينهل منها حتى يومنا هذا، ويضيف أن وضع "عناق الفراشة" هو أحد أوضاع الهدوء والسكينة والوقا، التي أحب الملوك تصوير أنفسهم بها، حيث يضع يداه متقاطعتين أو متجاورتين على الصدر قريبا من القلب، وهو يمسك بالشارات الملكية ليشعر الناظر له بالهيبة والوقار والعظمة، كملك لأحد أهم بلدان الدنيا وصانعة أهم حضارة في تاريخ الأرض، فقد اعتاد المصري القديم وضع اليدين متقاطعتين على الصدر حتى بعد الموت، ونرى المومياوات الملكية للملوك والملكات تظهر بنفس هذه الهيئة الفريدة مما يدل على أهميتها عند المصريين القدماء.
قد يبدو لك أن ألمك هو الوحيد الموجود في هذا العالم، لكن في الحقيقة كل عنصر وكل ذرة في هذا الكون مستعدة لمساعدتك والسماع لك، هي فقط تنتظر منك أن تؤمن أنك شخص يستحق، أنك تريد حياة أفضل؛ فتجذب إليك طاقات الكون الإيجابية؛ فأنت لست وحدك إن بسطت يدك وفتحت قلبك لما يهبه لك الكون بكل مكنوناته ومكوناته.

فيفيان سمير عناق الفراشة

مقالات الرأي

آخر الأخبار